لتبليغ الإدارة عن موضوع أو رد مخالف يرجى الضغط على هذه الأيقونة الموجودة على يمين المشاركة لتطبيق قوانين المنتدى
|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
01-07-2015, 05:33 AM | #1 |
|
هل هو رمضان أم "مرضان"؟!
هل هو رمضان أم "مرضان"؟! بقلم :نسيم الصمادي كنت في عام 1990 أعمل مديراً لشركة تدريب في جدة. كانت الشركة تابعة لمجموعة تعمل في مجالات الإعلان والتسويق والعلاقات العامة والمكتبات والنشر والتوزيع والتدريب. في صيف ذلك العام غزا "صدام حسين" الكويت، ونشبت حرب الخليج. كنت قد عدت من إجازتي السنوية قبل اندلاع الأزمة بيومين، وقد وضعت في مخيلتي عدة سيناريوهات لتطوير العمل وتحقيق قفزات جديدة. ومع احتدام الأزمة ونزوح الكثيرين من الكويتيين إلى السعودية، وبعض السعوديين من المنطقة الشرقية إلى جدة، بدأت السيناريوهات تتغير.
أعددت خطة تسويق محكمة، وقدمتها لمدير عام المجموعة لاعتمادها، وكان مديراً تنفيذياً ذكياً يركز على النتائج مثلما يركز على المناهج، وعلى المتوقع أكثر من الواقع، وكلما بدأنا مشروعاً جديداً كان يُنهي اجتماعاتنا بقوله: "دعونا نرتكب كل الأخطاء الممكنة بسرعة لكي نصححها بسرعة، وننطلق". إلا أنه قد هز رأسه هذه المرة وقال: "هل أنت جاد؟! تريد أن تنفذ كل هذا ونحن في حالة حرب؟!" قلت: "نعم". قال: "يمكن للتسويق الذكي والإعلان القوي والمنتج المتميز أن ينجح في أي سوق، ولكن بشرط أن يكون هناك سوق، ولكن في الحروب توجَّه الجهودُ والمواردُ والأعمالُ لخدمة الحرب، ومجال عملنا بعيد عن كل هذا". ابتسمت وقلت: "الحرب على بعد ألف كليومتر منا، ونحن أمام فرصة يجب اقتناصها. كل المنافسين سيفكرون هكذا، ولهذا أريد أن نفعل العكس، وأتحمل المسؤولية". وهذا ما كان، فصار ذلك العام هو الأكثر ربحية في تاريخ الشركة على الإطلاق". تكرر نفس السيناريو مع اختلافات طفيفة بعد ذلك بعشرة أعوام. تعاقدنا في شركة "شعاع" الأردن على تدريب حوالي 1500 موظف من شركة الاتصالات الأردنية بعد تخصيصها وبيعها لشركة "فرانس تليكوم" التي باعتها لاحقاً لشركة "أورانج". أعددنا عدة أفلام تدريبية، ووضعنا منهجاً متميزاً بالتعاون مع إدارتي التدريب والجودة، وانطلقنا ندرب بواقع 5 أو 6 برامج في الأسبوع. وحينما دخل رمضان، اعترض الموظفون والمدربون على العمل في رمضان. وكان رأيي معاكساً أيضاً. قلت لهم: "دعونا نُجَرِّب وندرِّب، ونرى النتائج". وبالفعل، غيرنا مواعيد التدريب لتبدأ بعد صلاة الظهر وتنتهي مع الإفطار. بدأنا ندرِّب ونعمل بحماس، دون تخمة وبلا قهوة. المدخنون نسوا التدخين، والأكولون نسوا الأكل، ولم نشعر أننا بحاجة إلى استراحات وما يُسَّمى "كوفي بريك". ونظراً إلى وجود الأفلام التدريبية وتمَكُّن المدربين، كان الوقت يمضي سريعاً، حتى نفاجأ بأن موعد الإفطار قد حان. صحيح أن الوقت كان شتاءً، وعدد ساعات الصوم أقل، إلا أن الصيام صيام.. والعمل عمل. في هذا العام، وضعت خطتين مختلفتين. في مصر رأينا أن نبدأ العمل قبل غيرنا بساعة، وأن نغادر قبلهم بساعة، فصار الموظفون يحضرون والشوارع فارغة، ويعودون إلى بيوتهم قبل احتدام الزحام. وفي الأردن، ونظراً إلى حضور معظم الموظفين من أماكن بعيدة، قسمنا أنفسنا إلى فريقين، ليستريح كل فريق أسبوعاً، ثم يعود ويأخذ دوره ويتحمل مسؤوليته بالتناوب، فارتفعت وتيرة الأداء وتحسنت النتائج، فزاد الحماس واستمتع الجميع بإجازاتهم روحياً وبدنياً. ما أثار عجبي وغضبي في رمضان هذا العام هو فهمنا الخاطئ لمعاني العمل والعبادة معاً، فقبل وصول رمضان بشهر، بدأنا نتحفز ونتكلم عن صعوبات الصيام في الصيف. لاحظت أن كثيراً من عملائنا وموردينا دخلوا في حالة الكسل "واللاعمل" قبل أن نسمع أول أذان في رمضان، وإذ وصل رمضان يوم خميس، فقد صارت نسبة الغياب أعلى من السحاب. ولسوف يحل العيد، وينتهي رمضان، ولن نخرج من حالة الجمود والركود إلا في مطلع الشتاء، وبعد انتهاء مواسم دخول المدارس وشهر الحج وعيد الأضحى، وسنملأ ما نظنه فراغاً ضرورياً بين رمضان والأضحى، بالرحلات الصيفية والسياحة الخارجية، ونضيع كل حسنات الصوم، حين نكرس الليل للسهر والنهار للنوم. كنت أظن أننا أمة منهوبة ومغلوبة، وإذا بنا أيضاً أمةٌ "مقلوبة"؛ فكل شيء يسير لدينا بالعكس؛ نحارب بعضَنا لا عدونا، ونسجن أبرياءنا لا أشقياءنا، ونقدم الفاسدين ونؤخر النزيهين، ونفكر في ماضينا وننسى مستقبلنا ثم نلعن حاضرنا، ولا نقَبِّل سوى الأيدي التي تصفعنا والأقدامِ التي تركُلنا، وبنفس المنطق حوَّلنا رمضانَ إلى "مرضان" و الصومَ إلى "نوم". فاستيقظوا يا قوم! المصدر www.edara.com |
|
|
|