لتبليغ الإدارة عن موضوع أو رد مخالف يرجى الضغط على هذه الأيقونة الموجودة على يمين المشاركة لتطبيق قوانين المنتدى
|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
27-10-2024, 07:03 PM | #1 |
عضو ذهبي
|
الفجوة المتنامية وانفصال أسواق المال عن الاقتصاد
أحمد الشهري
السبت 26 أكتوبر 2024 في ظل التحولات الاقتصادية السريعة والتطورات المالية المعقدة، يثار تساؤل عن مدى انفصال أسواق المال عن الاقتصاد الحقيقي مع تزايد الاعتماد على الأدوات المالية المتقدمة مثل المشتقات والرافعة المالية والهندسة المالية بشكل عام.. تهدف مقالة اليوم إلى استكشاف هذه الظاهرة. شكلت حالة الإفراط في الهندسة المالية داخل الأسواق المالية حالة من الانفصال ما بين أسواق المال والاقتصاد الحقيقي على سبيل المثال 2008 والأزمة الآسيوية 1997 وأزمة اليابان العقارية المعروفة بالعقد الضائع، حيث المسافة ما بين وحدات العجز لدى المستهلكين في طريق الاتساع ووحدات الفائض لدى المستثمرين كذلك، وهناك فجوة أخرى ما بين المستثمرين والحكومات وفق مستويات متعددة بسبب طبيعة كل نظام اقتصادي أو مجموعة اقتصادية. وللتوضيح فإن أي اقتصاد يفرض ضرائب على الثروات المفرطة ليس إلا نموذجا على ما نقوله بشأن حالة الانفصال. نلاحظ أن ارصدة البنوك والأسواق المالية تضخمت بشكل كبير وأصبحت تغذي نفسها بشكل أسرع وأكبر من الأسواق الفعلية أي الوحدات الإنتاجية في الاقتصاد الحقيقي، والمثال على ذلك تضخم الأصول الممولة بالديون كالعقارات مقارنة بالنمو الصناعي، وهذا ما يفسر قوة التقلبات الحادة التي تتكرر في الأسواق المالية والتي صنعت بدورها حالة التضخم العنيد الذي تشهده معظم الأسواق العالمية، ويمكن الاستدلال على انفصال الأسواق المالية عن الأسواق الفعلية من خلال النشاط الصناعي المتدهور مقارنة بالأداء التاريخي، وبشكل محدد ما قبل الجائحة. من جانب آخر: الأنماط التي يشكلها الاقتصاد العالمي على مستوى التبادل التجاري بين الشرق والغرب لا يمكن تجاهلها إذا ما أردنا وضع تصور تفسيري لحالة الديون وسعر الفائدة والاقتصاد الحقيقي والتجارة التي جميعها تتأثر بالنقدية الأمريكية وهيمنة الدولار، ثم إن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أصبحت البنوك المركزية الوطنية تواجه صعوبات جمة للموازنة ما بين استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي وبأدوات محدودة نتيجةً لمشكلات قادمة من خارج النظام الاقتصادي الوطني. قد يطرأ سؤال بديهي، ماذا عن التحديات الجيوسياسية وتأثيرها في الاقتصاد العالمي؟ بالفعل نحن أمام تكتلات اقتصادية غير أحادية ولأسباب اقتصادية وغير اقتصادية، وتلك المجموعات الاقتصادية تحاول الانفكاك بشكل أو بآخر من المخاطر المحتملة على مستوى التجارة بدليل أن دول بريكس bricsتشكل منظومة مالية وتجارية واقتصادية مشتركة من خلال نظام مالي جديد. نعود مرة أخرى إلى جذر المشكلة، الاقتصاد الحديث قام على أساس المداينة أي الديون، لكنه اشتغل بتجارة الديون مثلما حصل في الديون السيادية في أوروبا والإفراط الأمريكي في التسهيل الكمي في كوفيد - 19، وتم في مرات كثيرة تجاهل موضوع الإنتاج الحقيقي القائم على المداينة من أجل الإنتاج الفعلي، وهي التي ولدت الثروات ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكن الثروة التي تشكلت في العقدين الماضيين كانت من تجارة الديون وهي ذاتها نواة الانفصال التي وصلنا إليها وظهرت مخاطرها في العقد الحالي على الجميع، ولعل الدول الأقل تأثرا هي تلك الدول التي ديونها موجهة للإنتاج بمعدل أكبر ومحصنة في نفس الوقت بتنوع اقتصادي قطاعي. أخيرا: يبدو أن الانفصال بين أسواق المال والاقتصاد الحقيقي يعكس تحديات معقدة تتطلب دبلوماسية اقتصادية واقعية تضع سياسات تدعم التوازن بين النمو المالي والإنتاج الاقتصادي الفعلي، وتقييد هدر قيمة الجهود الإنتاجية للبشرية المودعة في النقود، وتقديم حلول شاملة في مسائل التجارة والديون وتقوية البنية التحتية للإنتاج وتشجيع الابتكار المسؤول ومنع المواجهات الصلبة بين الدول، التي تقوض كل شيء وتدمر مكاسب البشرية. |
|
|
|