لتبليغ الإدارة عن موضوع أو رد مخالف يرجى الضغط على هذه الأيقونة الموجودة على يمين المشاركة لتطبيق قوانين المنتدى
|
نبض الأنظمة الرسمية للملكة العربية السعودية منتدى يعنى بجميع انظمة الجهات الرسمية في المملكة العربية السعودية |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
18-07-2017, 11:40 PM | #1 |
مشرف عـام المنتدى
(ابو سعد) |
مــــسائل قــــضائية
متى يصح مطالبة الضامن للمضمون قبل الوفاء بالدين ؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .... أما بعد : فإنه متى ما أقام الضامندعوى على المضمون عنه فإن بعض القضاة يبادره بسؤال هل سددت ما عليه من الدين فإن قال لا قال له القاضي لا حق لك في مطالبته إلا بعد تسديد ما عليه من الدين ولا يستفسر من المدعي هل هو يطالب المضمون عنه لدفع المبلغ له ليقوم هو بتسديدهأو أنه يطالب المضمون عنه بتخليصه من الضمان بأن يدفع المبلغ لصاحب الحق وليس بدفعه له ففرق بين الأمرين والواجب أن يفرق بين مطالبته بدفع المبلغ له وبين مطالبته بتخليصه قال في الإقناع وشرحه كشاف القناعمجلد 8 ص 243 طبعة وزارة العدل ((وللضامن مطالبة المضمون عنه بتخليصه قبل الأداء إذا طولب به أي الدين أن كان ضمن بإذنه لأنه شغل ذمته من أجله بإذنه فلزمه تخليصها كما لو استعار عبده فرهنه بإذنه فإن عليه تخليصه إذا طلبه ربه )) وقد وضحت هذه المسألة لزملائي القضاة في المحكمة الكبرى بالرياض عندما كنت قاضياً فيها فاستفادوا وشكروني لأنهم لم يكونوا على علم بهذا التفريق حيث لا يوجد هذا التفصيل في كتاب الروض المربع ولا في المختصرات وإنما ذكر في المصدر الذي تقدم والله أعلمأ.هــ أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ---------------------------- متى يحكم بصرف النظر؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .... أما بعد : إذا نظر القاضي القضية فسمع الدعوى وكانت محررة مقبولة شرعاً توجه إلى المدعى عليه ليسمع منه الإجابة عليها ثم نظر في البينات إن وجدت فإن ثبت الحق وإلا حكم بعدم الثبوت ولا يحكم بصرف النظر إلا إذا كانت الدعوى غير صحيحه أو مقلوبة أو لم يكن للمدعي الصفة الشرعية بأن كان يطالب بحق لغيره بدون وكالة أو ولاية أو نظارة أو اقام دعوى في قضية قد انتهت بالحكم النافذ أو نحو ذلك لأن معنى صرف النظر عدم صحته وما يحصل من بعض القضاة بالحكم بصرف النظر عند عدم الثبوت فهو في غير محله لأنه في الواقع قد نظرها ثم لم يثبت الحق ففرقٌ بين عدم ثبوت الحق بعد النظر وبين عدم صحة النظر والله أعلم ... أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ------------------------------ متى تكون إقامة الدعوى على من بيده العين؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .... أما بعد : الملاحظ أن بعض القضاة لا يفرق بين مطالبة المدعى بنفس العين وبين المطالبة ببدلها أو قيمتها بل يبادر بصرف النظر عن الدعوى لإقامتها على من بيده العين وهذا لا يصح إلا إذا كان المدعي يُطالب بتسليمه نفس العين أما إذا كان يُطالب ببدلها أو قيمتها عند تعذر مطالبته بالعين فله مطالبة من فوتها عليه مثل من وجد دابته أو سيارته عند شخص قد اشتراها من السارق أو الغاصب أو نحوهما وقد أقام الدعوى على من بيده العين وهو المشتري لكن لا توجد لديه البينة الكافيةفأفهمه القاضي بأن له يمين المدعى عليه على نفي العلم ,وقد يحلف المشتري لأنه لا يعلم الحال. عند ذلك يستطيع أن يقيم الدعوى على السارق أو الغاصب مثلاً ويطالبه ببدل العين أو قيمتها لأنه فوتها عليه وإن لم تكن لديه بينه يستطيع أن يُحلَّف خصمه على البت وقد ينكل – أي يرفض – المدعى عليه الحلف عن اليمين خوفاً من الله فيثبت عليه الحقويُلزم بدفع البدل أو القيمة والله أعلم . أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ------------------------------ كيفية إلزام المحال بالرجوع على المحال عليه؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد .. فمن الملاحظ أنه عندما تعرض قضية على المحكمة فيقول المدعى عليه : إنني قد أحلت المدعي على شخص آخر فإن بعض القضاة يبادر بالحكم بأن على المدعي أن يرجع على المحال عليه بدون أن يتأكد من صحة الحوالة بأن يكون المحال عليه مليئاً لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مطل الغني ظلم وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع " متفق عليه , وفي لفظ :" من أحيل بحقه على مليء فليحتل " , والمليء : القادر بماله وقوله وبدنه ؛ فماله القدرة على الوفاء , وقوله : " أن لا يكون مماطلاً , وبدنه : إمكان حضوره إلى مجلس الحكم كما قرره الفقهاء – رحمهم الله – " انظر زاد المستقنع بشرحه الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (ج :5/122 ) . والذي ينبغي أنه متى ادعى المدعى عليه أنه أحال المدعي , أن يطلب القاضي حضور المحال عليه إن كان في البلد وإلاّ استخلف قاضي البلد الذي هو فيه فيؤخذ إقراره بالملاءة والالتزام بدفع المبلغ في الحال , وإن ماطل في الحضور أو قال بيني وبين المحيل حسابات أو نحو ذلك ؛ فلا يعتبر مليئاً فلا تصح الحوالة حسب ما وضحه الفقهاء في معنى الملاءة كما تقدم , ومن المؤسف أن بعض القضاة إذا حكم برجوع المدعى عليه على المحال عليه بدون التأكد من ملاءته قام المدعي بإقامة دعوى على المحال عليه وقد لا يكون في البلد ثم ينظرها القاضي الآخر ؛ فإذا ادعى المحال عليه أن بينه وبين المحيل حسابات ونزاعات ونحو ذلك طلب القاضي من المدعي إثبات الحق على المحال عليه , وهذا خلاف الشرع والعقل والعدل ؛ فيتضرر المدعي الذي حقه ثابت على المحيل بملاحقة المحال عليه , والله أعلم . أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ------------------------------ كيف تقام الدعوى إذاكانت العين قد اقتطعت للمصلحة العامة ؟ لما كنت أعمل قاضياً في المحكمة الكبرى بالرياض عرضت عليّ قضية مفادها : أن شخصاً أخرج حجة استحكام على بيت من الطين مهجور وقد اقتطع للمصلحة العامة لتوسعة شارع آل فريان بالرياض واستلم التعويض من الأمانة فأقام شخص دعوى يقول فيها : إن البيت بيته وأن الذي استلم التعويض استغل الفرصة لكون البيت مهجوراً وأخرج الحجة فيطالب نقض الصك وتسليمه التعويض , وكانت قد عرضت على قاضيين في المحكمة وكلاهما حكم بصرف النظر عن الدعوى لإقامتها على من بيده العين يقصدان : أمانة مدينة الرياض , وصدق الحكم من هيئة التمييز ؛ ثم بعد ذلك أقام المدعي الدعوى لدي على الأمانة . فرأيت أن الحكمين السابقين غير صحيحين ؛ لأن العين أصبحت من ضمن الشارع , ولا يمكن تسليمها , وإنما التعويض هو الذي يقوم مقامها , فعلى المدعي أن يقيم الدعوى على من استلم التعويض ؛ ولأنني خشيت لو حكمت بذلك ابتداءً فسوف يعترض قضاة التمييز ؛ لأنهم صدقوا الحكمين السابقين ؛ فكتبت إلى مجلس القضاء الأعلى عندما كان رئيسه سماحة الشيخ عبد الله بن حميد – رحمه الله - ؛ فقرر المجلس بهيئته الدائمة الموافقة على رأيي ؛ فلما وصل القرار حكمت بذلك ؛ ثم رفعته إلى هيئة التمييز فصدقوا حكمي ؛ فأحببت أن أوضح لمن لم يطلع على هذا الرأي , وأبين أنه ليس كل مدع في عين يقال له : إنّ دعواه تقام على من بيده العين , ففي مثل هذه القضية لا يمكن أن يطالب المدعي بالعين وهي قد أصبحت من ضمن الشارع ؛ وإنما تقام على من بيده بدلها وهو التعويض , والله أعلم . أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ------------------------------ كيفية صرف غلةالوقف المنقطع نص الفقهاء – رحمهم الله – على أن ريع الوقف المنقطع يصرف لورثة الواقف نسباً على قدر إرثهم كما جاء في زاد المستقنع وشرح الروض المربع بحاشية ابن قاسم ( ج 5/545 ) : " وإن وقف على جهة تنقطع كأولاده , ولم يذكر مآلاً أو قال : هذا وقف ولم يعين جهة , صح وصرف بعد أولاده لورثة الواقف نسباً على قدر إرثهم وقفاً عليهم ؛ لأن الوقف ه البر , وأقاربه أولى الناس ببره " اهـ . وقد أشكل عليّ أمر وهو : أنه متى مات الورثة الذين توفي عنهم الموقف ؛ فهل يصرف بعد وفاتهم إلى ورثة كل واحد منهم حسب نصيب مورثه ؟ أم كيف يكون التوزيع ؟ فعرضت الأمر على فضيلة الشيخ : عبد الرحمن الفارس – رحمه الله – وهو من كبار القضاةسابقاً , فقال لي : " بل يفرض عند توزيع الغلة كل عام أي عند الاستحقاق أن الموقف قد توفي اليوم فمن يرثه من الأحياء فتوزّع عليهم على قدر نصيب كل منهم حسب الميراث , وهكذا كل عام " , وهذه الفائدة لم أجدها عند أحد من أهل العلم سوى ما أفادني بها فضيلته , والله أعلم . أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ------------------------------ متىيقوم التالف في القرض وقت العقد أو وقت القرض؟ أشكل عليّ كلام الفقهاء – رحمهم الله – عندما فرقوا في تقويم القرض بين وقت القرض أو وقت العقد كما عبر بعضهم , وبين وقت القبض حسب نوعية المال , قال في زاد المستقنع وشرحه الروض المربع مع حاشية ابن قاسم ( ج : 5/ 40 – 43 ) : " وإن كان متقوماً لم يلزم المقرض قبوله , وله الطلب بالقيمة ثم قال القيمة وقت القرض ثم قال : " وتكون القيمة في جوهر ونحوه يوم قبضه " ؛ فسألت سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -وكان معه فضيلةالشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله - وفضيلة الشيخ عبد الله بن عقيل – حفظه الله – عن هذا التفريق ؟ ؛ فلم يتبين لهم الفرق , واستشكلوه , وبعد تفكير ظهر لي وجه التفريق وهو أن ما يصح فيه السلم , أي أنه ينضبط بالصفة التي تجعل الموصوف له كأنه يراه لانضباطه , فهذا يقدر وقت العقد أي عقد القرض وإن لم يستلمه إلاّ بعد شهر ؛ لأن أهل الخبرة يتمكنون من تقدير قيمته وإن لم يروه . أمّا بالنسبة لما لا ينضبط بالصفة مثل الجوهر واللؤلؤ الطبيعي ؛ فإنه لا يستطيع أحد أن يقدره إلاّ إذا رآه , ولذا لو أقرض شخص آخر جوهرة أو لؤلؤة ولم يسلمها له إلاّ بعد شهر فيكون تقويمها وقت قبضها لأنه قد رآها وعرفها ويمكن لأهل الخبرة تقويمها , والله أعلم . أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ------------------------------ الإقـرار الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .... أما بعد : هنا مسألة مهمة وهي ما إذا أقر شخص لآخر بشيء وهو لا يملكه فما حكم هذا الإقرار ؟ ذهب غالب الفقهاء إلى عدم صحة هذا الإقرار بناء على انه إقرار إنشائي ولم يفصلوا ولكنني وجدت بعض الفقهاء فصلوا فقالوا الإقرار ينقسم قسمين إخباري و إنشائي, فالإنشائي لا يصح إلا لمن يملك المقر به أو أ ُذِن له من مالكه بالإقرار به . أما الإخباري فهو انه متى أقر بشيء لآخر وهو لا يملكه , فإننا نوقف الحكم حتى يملكه إما بهبة أو شراء أو إرث أو نحو ذلك, فإذا ملكه المقر قلنا له يلزمك الآن حكم الإقرار فتسلمه للمُقَر له , مثل من أقر بعقار أو سيارة لزيد , وهذا العقار أو السيارة ملك لشخص آخر فإننا ننتظر فإن ملك المُقر العقار أو السيارة قلنا له : الآن يلزمك أن تسلم العقار أو السيارة للمقر له وهو زيد . قال في (مجموع المنقور المسمى الفواكه العديدة في المسائل المفيدةج2 ص 343 قال في (الرعاية الكبرى ) : " ولا يصح إقرار أحد بما ليس في يده وتصرفه شرعاً واختصاصه ..... إلى أن قال : وإقرار بما في يد غيره وتصرفه شرعاً وحساً أو شرعاً لا حساً دعوى أو شهادة فإذا صار بيده وتصرفه شرعاً لزمه حكم إقراره " . ا.هــ. وقال في رد المحتار على الدر المختار وحاشية ابن عابدين من كتب الحنفية ج12 ص128-132 طـ دار عالم الكتب "الإقرار شرعاً إخبار بحق عليه للغير من وجه إنشاء من وجه وهو الصحيح " ثم قال:"فللوجه الأول وهو الإخبار صح إقراره بمال ملوك للغير ومتى أقر بملك الغير يلزمه تسليمه إلى المقر له إذا ملكه برهة من الزمان لنفاذه على نفسه ولو كان إنشاء لما صح لعدم وجود الملك "ا.هـ وقد عُرِضت عليّ قضية من هذا النوع وأنا أعمل قاضياً في المحكمة الكبرى بالرياض وكان الإقرار إخبارياً ثم ملك المقر العقار , فحكمت عليه بتسليم المقر به للمقر له وعرضت حكمي هذا على سماحة شيخنا العلامة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقاً رحمه الله ووافقني على هذا الحكم وأيدني عليه والله أعلم . أملاه الفقير إلي ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر العبيكان ------------------------------ اللوث في الحقوق الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .... أما بعد : اللوث بسكون الواو يأتي بعدة معاني في اللغة منها: القوة , والشر, والمطالبة بالأحقاد ( القاموس المحيط ص180ج 4, ولسان العرب ص184 ج 2) وفي الاصطلاح الفقهي عند المالكية والشافعية : هو الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بوقوع المدعى به . وعند الحنفية: وجود شر أو طلب بحقد. والحنابلة : مثل الأول,والعداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه ( القاموس الفقهي ص 334). إن الكثير يعتقد أن البينة هي عبارة عن الشهود ولا يمكن الاعتماد على غير الشهادة في إثبات الحقوق ولا يتصورون أن البينة ليست مقتصرة على ذلك ؛ فهناك الأمارات والقرائن واللوث , ويدخل في ذلك ما حدث في هذا الزمان من اختراعات للوسائل التي يتوصل بها إلى إثبات الحقوق والجرائم مثل البصمة والبصمة الوراثية ( الحمض النووي ) والذي هو أقوى من قول القائف الذي اعتمده رسول الله صلى الله عليه وسلم , إلى غير ذلك من الوسائل المتنوعة ؛ ولذا قال ابن القيم رحمه الله : " وقوله (البينة على المدعي واليمين على من أنكر ) البينة في كلام الله ورسوله وكلام الصحابة اسم لكل ما يبين الحق ؛ فهي أعم من البينة في اصطلاح الفقهاء حيث خصوها بالشاهدين أو الشاهد واليمين ولا حجر في الاصطلاح ما لم يتضمن حمل كلام الله ورسوله عليه فيقع بذلك الغلط في فهم النصوص وحملها على غير مراد المتكلم منها . وقد حصل بذلك للمتأخرين أغلاط شديدة في فهم النصوص ونذكر من ذلك مثالا واحدا وهو ما نحن فيه من لفظ البينة فإنها في كتاب الله اسم لكل ما يبين الحق كما قال تعالى( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ) وقال: ( وما أرسلناإلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات) وقال (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة) وقال : (قل إني على بينة من ربي ) وقال: ( أفمن كان على بينة من ربه ) وقال: (أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه) وقال (أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى), وهذا كثير لم يختص لفظ البينة بالشاهدين ؛ بل ولا استعمل في الكتاب فيهما البتة إذا عرف هذا فقول النبيصلى الله عليه وسلمللمدعي (ألك بينة) وقول عمر(البينة على المدعي ) ، وإن كان هذا قد روي مرفوعا المراد به : ألك ما يبين الحق من شهود أو دلالة ؛ فإن الشارع في جميع المواضع يقصد ظهور الحق بما يمكن ظهوره به من البينات التي هي أدلة عليه وشواهد له , ولا يرد حقا قد ظهر بدليله أبدا فيضيع حقوق الله وعباده ويعطلها ولا يقف ظهور الحق على أمر معين لا فائدة في تخصيصه به مع مساواة غيره في ظهور الحق أو رجحانه عليه ترجيحا لا يمكن جحده ودفعه كترجيح شاهد الحال على مجرد اليد في صورة من على رأسه عمامة وبيده عمامة وآخر خلفه مكشوف الرأس يعدو أثره ولا عادة له بكشف رأسه فبينة الحال ودلالته هنا تفيد من ظهور صدق المدعي أضعاف ما يفيد مجرد اليد عند كل أحد فالشارع لا يهمل مثل هذه البينة .".(إعلام الموقعين ج1 ص 90طـ دار الفكر 2) . وقال أيضاً:" وقد ذكر الله سبحانه اللوث في دعوى المال في قصة شهادة أهل الذمة على المسلمين في الوصية في السفر, وأمر بالحكم بموجبه, وحكم النبي صلى الله عليه وسلم بموجب اللوث في القسامة, وجوز للمدعين أن يحلفوا خمسين يمينا ويستحقوا دم القتيل. فهذا لوث في الدماء, والذي في سورة المائدة لوث في الأموال, والذي في سورة يوسف لوث في الدعوى في العرض ونحوه. (الطرق الحكمية ص5). وقال أيضا: "وبالجملة فالبينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره, ومن خصها بالشاهدين, أو الأربعة أو الشاهد لم يوف مسماها حقه, ولم تأت البينة قط في القرآن مراداً بها الشاهدان. وإنما أتت مراداً بها الحجة والدليل والبرهان, مفردة ومجموعة. وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم" البينة على المدعي" المراد به : أن عليه ما يصحح دعواه ليحكم له, والشاهدان من البينة. ولا ريب أن غيرها من أنواع البينة قد يكون أقوى منها, كدلالة الحال على صدق المدعي, فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد, والبينة والدلالة والحجة والبرهان والآية و التبصرة والعلامة والأمارة, متقاربة في المعنى. وقد روى ابن ماجة وغيره عن حديث جابر بن عبدالله قال "أردت السفر إلى خيبر, فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أريد الخروج إلى خيبر. فقال: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقاً. فإذا طلب منك آية, فضع يدك على ترقوته" فهذا اعتماد في الدفع إلى الطالب على مجرد العلامة وإقامة لها مقام الشاهد. فالشارع لم يلغ القرائن والأمارات ودلائل الأحوال, بل من استقرأ الشرع في مصادره وموارده وجده شاهداً لها بالاعتبار, مرتباً عليها الأحكام".( الطرق الحكمية ص10) وقال أيضاً:" ولم يزل حذاق الحكام والولاة يستخرجون الحقوق بالفراسة والأمارات فإذا ظهرت لم يقدموا عليها شهادة تخالفها ولا إقرارا وقد صرح الفقهاء كلهم بأن الحاكم إذا ارتاب بالشهود فرقهم وسألهم كيف تحملوا الشهادة وأين تحملوها وذلك واجب عليه متى عدل عنه أثم وجار في الحكم " . (الطرق الحكميةج1ص 19طـ دار الكتب العلمية 1) . وقال أيضاً: " كذلك إذا ارتاب بالدعوى سأل المدعي عن سبب الحق وأين كان ونظر في الحال هل يقتضي صحة ذلك؟ وكذلك إذا ارتاب بمن القول قوله كالأمين والمدعى عليه وجب عليه أن يستكشف الحال ويسأل عن القرائن التي تدل على صورة الحال. و قلِّ حاكم أو والٍ اعتنى بذلك وصار له فيه ملكة إلا وعرف المحق من المبطل وأوصل الحقوق إلى أهلها ؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتته امرأة فشكرت عنده زوجها وقالت هو من خير أهل الدنيا يقوم الليل حتى الصباح ويصوم النهار حتى يمسي ثم أدركها الحياء فقال جزاك الله خيرا فقد أحسنت الثناء فلما ولت قال كعب بن سور يا أمير المؤمنين لقد أبلغت في الشكوى إليك فقال وما اشتكت قال :زوجها . فقال علي لكعب: اقض بينهما قال أقضي وأنت شاهد قال إنك قد فطنت إلى ما لم أفطن له قال إن الله تعالى يقول فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوما وقم ثلاث ليال وبت عندها ليلة فقال عمر هذا أعجب إلي من الأول فبعثه قاضيا لأهل البصرة فكان يقع له في الحكومة من الفراسة أمور عجيبة وكذلك شريح فراسته وفطنته " . (الطرق الحكمية ص 19 -20 ج1ص 35 دار الكتب العلمية 1) . وقال أيضاً: " والرجوع إلى القرائن في الأحكام متفق عليه بين الفقهاء ؛ بل بين المسلمين كلهم , وقد اعتمد الصحابة على القرائن في الحدود , فرجموا بالحبل وجلدوا في الخمر بالقيء والرائحة وأمر النبيصلى الله عليه وسلمباستنكاه المقر بالسكر وهو اعتماد على الرائحة " . (بدائع الفوائد ج4 ص 14 طـ إدارة الطباعة المنيرية ) . قلت: ومن استعرض النصوص الشرعية اتضح له صحة ما قرره الإمام ابن القيم وغيره من المحققين ؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ على الْمُدَّعَى عليه , قال أبو عِيسَى : " هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ على هذا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ من أَصْحَابِ النبيصلى الله عليه وسلموَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ على الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ على الْمُدَّعَى عليه " . (سنن الترمذي ج3/ص626) . وحكم صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين فعَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِصلى الله عليه وسلمقَضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (انظر المسند أحمد بن حنبل ج1/ص315) . , واعتبر في الرضاع شهادة المرأة الواحدة , قال أحمد : " تجوز شهادة المرأة الواحدة في الرضاع على حديث عقبة " ا.هـ (انظر حاشية بن قاسم على الروض ج7 ص615). فعن حذيفة أن رسول اللهصلى الله عليه وسلمأجاز شهادة القابلة (سنن الدار قطني ج4/ص233) وعن عُقْبَةُ بن الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يحيى بِنْتَ أبي إِهَابٍ قال فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فقالت قد أَرْضَعْتُكُمَا فَذَكَرْتُ ذلك لِلنَّبِيِّصلى الله عليه وسلمفَأَعْرَضَ عَنِّي قال فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذلك له قال وَكَيْفَ وقد زَعَمَتْ أَنْ قد أَرْضَعَتْكُمَا فَنَهَاهُ عنها(صحيح البخاري ج2/ص941) . وقال في قصة الحضرمي والكندي: (شَاهِدَاكَ أو يَمِينُهُ)( صحيح البخاري ج2/ص889) . واعتبر أيمان المدعين في القسامة( مسلم برقم 1669) واعتبر شهادة المرأتين مع الرجل قال تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ...الآية ) {البقرة:282}, واعتد بخبر الكافر في قصة هجرته صلى الله عليه وسلم عندما استعان بعبدالله ابن أريقط في الدلالة على الطريق وكان ماهراً خريتاً( انظر : زاد المعاد ج3 ص52) ؛ ولذا قال الإمام مالك : تجوز شهادة الطبيب الكافر حتى على المسلم للحاجة (الطرق الحكمية ص179ط الرئاسة ). وسُرّ صلى الله عليه وسلم بخبر القائف المدلجي في إثبات نسب زيد بن حارثة( رواه مسلم برقم :1459) . وقد قرر جمع من المحققين أن اليمين تشرع في جانب أقوى المتداعيين فما جاء من نص على أن اليمين على المدعى عليه فهو ما إذا لم تكن لدى المدعي بينة ولم يتقو جانبه بشيء معتبر فيصبح جانب المدعى عليه أقوى بالبراءة الأصلية أما إذا تقوى جانب المدعي إما بشهادة رجل أو نساء أو أطفال لا تقوى شهادتهم على الإثبات أو وجد لوث كما في القسامة أو قرائن وأمارات , فإن اليمين تنقل إلى المدعي ولذا كان الصحيح من أقوال أهل العلم أن اللوث ما يغلب على الظن صحة الدعوى قال به الإمام أحمد في رواية عنه وصوبه صاحب الإنصاف واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن إبراهيم (انظر: حاشية ابن قاسم على الروض ج7 /294, وفتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ج11/373-374). قال ابن القيم : " الثالث أن اليمين إنما كانت في جانب المدعى عليه حيث لم يترجح جانب المدعى بشيء غير الدعوى فيكون جانب المدعى عليه أولى باليمين لقوته بأصل براءة الذمة فكان هو أقوى المدعيين باستصحاب الأصل فكانت اليمين من جهته فإذا ترجح المدعى بلوث أو نكول أو شاهد كان أولى باليمين لقوة جانبه بذلك فاليمين مشروعة في جانب أقوى المتداعيين فأيهما قوى جانبه شرعت اليمين في حقه بقوته وتأكيده ولهذا لما قوى جانب المدعين باللوث شرعت الأيمان في جانبهم ولما قوي جانب المدعى بنكول المدعى عليه ردت اليمين عليه كما حكم به الصحابة وصوبه الإمام أحمد وقال ما هو ببعيد يحلف ويأخذ ولما قوي جانب المدعى عليه بالبراءة الأصلية كانت اليمين في حقه وكذلك الأمناء كالمودع والمستأجر والوكيل والوصي القول قولهم ويحلفون لقوة جانبهم بالأيمان فهذه قاعدة الشريعة المستمرة ؛ فإذا أقام المدعي شاهدا واحدا قوي جانبه فترجح على جانب المدعى عليه الذي ليس معه إلا مجرد استصحاب الأصل وهو دليل ضعيف يدفع بكل دليل يخالفه ؛ ولهذا يدفع بالنكول واليمين المردودة واللوث والقرائن الظاهرة فدفع بقول الشاهد الواحد وقويت شهادته بيمين المدعي ؛ فأيقياس أحسن من هذا وأوضح ؟ مع موافقته للنصوص والآثار التي لا تدفع. وقد ذهب طائفة من قضاة السلف العادلينإلى الحكم بشهادة الشاهد الواحد إذا علم صدقه من غير يمين . قال أبو عبيد روينا عن عظيمين من قضاة أهل العراق شريح وزرارة بن أبي أوفى رحمهما الله أنهما قضيا بشهادة شاهد واحد ولا ذكر لليمين في حديثهما . حدثنا الهيثم بن جميل عن شريك عن أبي إسحاق قال أجاز شريح شهادتي وحدي حدثنا القاسم بن حميد عن حماد بن سلمة عن عمران بن جدر قال شهد أبو مجلز عند زرارة بن أبي أوفى قال أبو مجلز فأجاز شهادتي وحدي ولم يصب . قلت :لم يصب عندي أبو مجلز وإلا فإذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد جاز له الحكم بشهادته وإن رأى تقويته باليمين فعل وإلا فليس ذلك بشرط . وقال أ يضاً: ومن ذلك أنه يجوز للحاكم الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف صدقه في غير الحدود ولم يوجب الله على الحكام ألا يحكموا إلا بشاهدين أصلا وإنما أمر صاحب الحق أن يحفظ حقه بشاهدين أو بشاهد وامرأتين وهذا لا يدل على أن الحاكم لا يحكم بأقل من ذلك بل قد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين وبالشاهد فقط " . انتهى كلام ابن القيم رحمه الله. (الطرق الحكمية ص51, 57 ط1 دار الكتب العلمية) وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عن دعوى صاحب دكان على شخص لأنه سرق منه مبلغاً من المال و لم يكن لدى صاحب الدكان سوى شاهد شهد أنه رأى المتهم في الدكان وحده فأجاب الشيخ : " بأنه إذا ثبت قوة التهمه عليه فثبتت عدالة الشاهد وحلف المسروق منه بأن المتهم هو الذي سرق المبلغ من دكانه فيكلف المتهم بدفع المبلغ . قال : وهو مقتضى ماصرح به الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابة ( الطرق الحكمية ) وهو أنه إذا قوية التهمه يحلف المدعي معها ويكون بمثابة مسألة اليمين مع الشاهد وإذا لم تقو التهمه ولم يعدل الشاهد ولم يحلف المدعي فلا يستحق المسروق منه شيئا " ا.هـ (مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ج 13 ص 43 ). قلت : وقد عرضتعليّ قضية أثناء عملي قاضياً في المحكمة الكبرى بالرياض , مفادها أن رجلاً انتحل شخصية رجل آخر وجده ميتاً في حادث وأخذ دفتر شيكاته وأصبح يدخل المحلات التجارية ويشتري سلعاً متنوعةويتحين آخر كل أسبوع إذا انتهى دوام البنوك حتى لا يكتشف البائعون عدم وجود رصيد ويدفع لهم من شيكات المتوفى ويفاجئون بعد ذلك بعدم وجود رصيدوفي آخر عملية نصب له قام بوضع سيارته عند محل تغيير الزيوت وطلب من صاحب المحل أن يعيره سيارته الونيت لنقل بعض الأغراض إلى أن يتم تغيير الزيت فوافق صاحب المحل وذهب هذا الرجل إلى محل مفروشات بالرياض وأشترى منه أثاثاً وأعطاه الشيك , وحمل الأثاث في السيارة وذهب ولكن صاحب المحل لاحظ أنه يبتعد عن الزبائن خوفاً من أن يتعرف عليه أحد , فارتاب صاحب المحل بأمره فأخذ رقم السيارة الونيت فلما اتضح له عدم وجود رصيد أبلغ الشرطة فقبضت على السيارة وأودع صاحبها السجن ثم اقتنعت الشرطة بأن صاحب السيارة قد خدع فأطلق بالكفالة ليبحث عن السارق وبتوفيق من الله رأى السارق يسير بسيارته في طريق فتابعه إلى أن وصل إلى شقته فأبلغ الشرطة فتم القبض عليه ولكنه أنكر ولم تكن لدى أصحاب الحقوق بينات سوى وجود بعض المسروقات في شقته وتعرف أصحاب الحقوق عليه بعد أن عرض عليهم مع مجموعة من الناس وكل واحد من أصحاب الحقوق تعرف عليه بمفرده , فكانت تلك قرائن قوية على إدانته ويعتبر هذا لوثاً على الصحيح فقمت بتحليف المدعين أصحاب الحقوق ؛ لأن القرائن تقوي جانبهم فحلفوا جميعاً وحكمت بإلزامه بالدفع وصدق الحكم من هيئة التمييز والله أعلم . أملاه الفقير إلى عفو ربه المنان عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان |
|
|
|