الموضوع: المواريث
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-07-2017, 10:06 PM   #4
mustathmer
مشرف عـام المنتدى
  (ابو سعد)


الصورة الرمزية mustathmer
mustathmer غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 754
 تاريخ التسجيل :  November 2012
 أخر زيارة : 30-06-2025 (06:23 PM)
 المشاركات : 145,039 [ + ]
 التقييم :  38
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: المواريث



مثال على الإرث : الزوجية سبب من أسباب الإرث ، وهي أمرٌ خارج عن حقيقة الإرث ، ومع ذلك فقد ربط الشارع الإرث بها وجوداً وعدماً ؛ فإذا وجدت الزوجية وجد الإرث بعد توفر الشروط ، وانتفاء الموانع . وإذا انعدمت الزوجية ، فلا إرث .

وأسباب الإرث تنقسم إلى قسمين :

قسمٌ متفق عليه ؛ وهي ثلاثة : نكاح ، وولاء ، ونسب ، وقسمٌ مختلفٌ فيه ؛ وهو بيت المال ؛ إذ هو سبب رابع عند الإمام مالك .

أسباب الميراث

سبب عام مختلف فيه , أسباب خاصة متفق عليها

بيت مال المسلمين , النسب , الولاء , النكاح


أولاً ـ السبب الأول : النكاح :

النكاح في اللغة هو : الضمّ .

يُقال : تناكحت الأشجار ؛ إذا انضمّ بعضُها إلى بعض .

وشرعاً : هو عقد الزوجية الصحيح ، وإن لم يحصل فيه خلوة ، أو وطء .

والزوجية : هي علاقة بين الرجل والمرأة نشأت نتيجة عقد زواج صحيح قائم بينهما حقيقة ، أو حكماً (كما في المعتدة) .

فقـولـنـا : "عقد" ، يخرج به وطء الشبهة ؛ لأنّ الولد لا يرث ، وإن لحق بأبيه .

وقـولـنـا : "زواج صحيح" ؛ للاحتراز عن النكاح الفاسد (وهو النكاح الذي اختلّ شرطه) ؛ مثل نكاح زوجة الأب ، نكاح المتعة ، نكاح الشغار ، نكاح التحليل ، نكاح أكثر من أربعة . فهذه متفق على فسادها .

أما الأنكحة المختلف في فسادها : فهي متوقفة على تصحيح الحاكم .

والنكـاح الباطل : هو النكاح الذي اختلّ ركنه ؛ كأن يكون بدون إذن الوليّ ، أو بدون شهود .

فالزوجان يتوارثان ولو كانا في عدّة طلاق رجعيّ (أي بعد الطلقة الأولى أو الثانية) ؛ أي مـا لم تخرج من العدّة . أما إذا وقع الطلاق البائن : فلا توارث بينهما ، إلا إذا اتُّهِم أحدهما أنَّه تسبَّب بالطلاق لحرمان الآخر من الإرث ، فالمتسبِّب يحرم من الإرث ، دون الآخر .

مسألة : لو تزوَّج في مرض موته . هل يتمّ التوارث بين الزوجين ؟

الجواب : العقد باطل عند المالكية . وهو صحيح عند الجمهور .

مسألة هامة : لو طلَّق زوجته في مرض موته ، هل ترثه أم لا ؟

الجواب : هذه المسألة اختلف فيها العلماء :

(1)- فقـال الشافعي ومن تبعه : إذا طلقها بقصد الإضرار بها ، أو بدون قصد ؛ سواء ثبتت التهمة عليه ، أو لم تثبت ، فلا توارث بينهما .

وهؤلاء وقفوا عند القاعدة الأصلية ؛ وهي أنَّ البينونة قطعت الزوجية التي هي سبب الإرث .

وقولهم مردود لأمرين :

أحدهما : مخالفته للإجماع ؛ حيث قضى عثمان بن عفان رضي الله عنه بتوريث تماضر بنت الأصبغ الية من عبدالرحمن بن عوف ، وكان قد طلقها في مرض موته ، فبتَّها .

واشتهر هذا القضاء بين الصحابة ، ولم يُنكره أحدٌ منهم ، فصار كالإجماع .

الثاني : إنّ هذا المُطلِّق قصد قصداً فاسداً ، فعومل بنقيض قصده ، عملاً بقاعدة سدّ الذرائع .

(2)- الجمهور (أبو حنيفة ، مالك ، أحمد) : قالوا بتوريثها إذا طلقها بقصد الإضرار بها ، معاقبة له بالضدّ .

ولكنَّهم اختلفوا في ضابط المدة التي ترث بها :

فقال أبو حنيفة : المرأة ترث ما دامت في العدة .

وقال مالك : المرأة ترث ولو تزوَّجت بعده .

وقال أحمد : المرأة ترث ولو بعد انقضاء عدتها ، ما لم تتزوَّج .
ثانياً ـ السبب الثاني : الولاء : (وهو قرابة حكمية) :

الولاء في اللغة يُطلق على النصرة ، والقرابة ، والمُلك .

وشرعاً : هو عصوبةٌ سببها نعمة السيِّد المعتق على عبده العتيق ؛ حيث أخرجه من الرق إلى الحرية .

أو هي قرابة حكمية أنشأها الشارع ، ناتجة عن عتق ، أو موالاة .

والدليل على أنَّ الولاء عصوبة :

(1)- قوله: "الولاء لمن أعتق" .

(2)- قوله: "الولاء لحمة كلحمة النسب" .

فجعل الولاء كالنسب .

ووجــه هــذا التشــبيه : أنَّ الرجـل كما أخـرج ابـنـه من حيّـز المعــدوم إلى حيز الموجود ، كذلك نعمة المعتق أخرجت المملوك إلى حيز الحرية .

ملاحظــة :

الميراث في الـولاء من طـريق واحد ؛ وهو طريق العبد العتيق ؛ حيث يرثه سيده ، ولا يرث هو سيّدَه . بخلاف أسباب الميراث الأخرى ؛ فإنَّها تُوجب الإرث من الجانبين .

والميراث في الولاء عن طريق التعصيب ، وهو أضعف أنواع أسباب الميراث ؛ لأنَّ السيِّد لا يرث عبده إلا بانعدام ورثة العبد .

س : هل يرث السيد عبده بشروط ، أو بدون شروط ؟

ج : بل يرث السيد عبده بشرط انعدام الورثة من جانب العبد .

من يرث بالولاء :

لا يرث بالولاء إلا المعتق الذي باشر العتق ، ثمّ عصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ، ولا مع غيرهم .

ففي حال موت السيد (المعتق) ، تنتقل العصوبة إلى عصبة العتيق المتعصبين بأنفسهم ؛ كالابن مثلاً ، فإنَّه يرث عبدَ والده المعتَق . وأما البنت (ابنة السـيد) فإنَّها لا ترث بالولاء لأنَّها لا تكون عصبة بنفسها ، وإنما مع الغير .

س : هل يثبت الولاء على فرع العتيق ؟

ج : كما يثبت الولاء على العتيق ، فإنه يثبت على فرعه ، بشرطين :

الأول : أن لا يكون أحد أبويه حرّ الأصل .

الثاني : أن لا يمسه رق لأحد .

ملاحظــة :

المولود يتبع أمَّه في الحرية والرق ، ويتبع خير أبويه في الدين وفي الولاء ، ويتبع أباه في النسب .


ثالثاً ـ السبب الثالث : النسب (القرابة الحقيقيَّة) :


النسب في اللغة : القرابة ؛ وهي الاتصال بين إنسانين في ولادة ؛ قريبة كانت أو بعيدة . فكلّ إنسان بينك وبينه صلة ولادة ؛ قربت أو بعدت ؛ من جهة الأب ، أو من جهة الأم ، أو منهما معاً ، فهو قريبك .

والقرابة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :

(1)- الأصــول : وهـم أبو الميت ، وأبوه ، وإن علا بمحض الذكور . وأم الميت ، وكلّ جدة تُدلي بوارث ، أو وارثة .

(2)- الفروع : وهم أبناء الميت ، وأبناؤهم ، وإن نزلوا .

(3)- الحواشي : وهم إخوة الميت ، وأخواته مطلقاً ، وأبناء إخوته الذكور لغير الأمّ ـ أي أبناء الإخوة الأشقاء ، وأبناء الإخوة لأب ـ ، وأعمام الميت الأشقاء ، ولأب ، وإن علوا ، وبنوا الأعمام ، وإن نزلوا .

ملاحظــة :

الميراث بالنسب أقوى الأسباب في الميراث للأمور التالية :

(1)- سبق وجوده ؛ لأنَّ الشخص في وقت ولادته يكون ابناً ، أو أخاً ، ونحو ذلك ، بخلاف النكاح والولاء فإنّ كلاً منهما طارئ .

(2)- النسب لا يزول ، والنكاح قد يزول ، بأن يقع الطلاق مثلاً .

(3)- النسب يحجب النكاح نقصاناً ، ويحجب الولاء حرماناً ، وهما لا يحجبانه .

(4)- الإرث يتمّ فيه من جميع الطرق ؛ تارة بالفرض ، وتارة بالتعصيب ، وتارة بالفرض والتعصيب . والنكاح إنما يورث به بالفرض فقط ، والولاء يورث به بالتعصيب فقط .


رابعاً ـ السبب الرابع : بيت مال المسلمين :

وهو سبب مختلف فيه بين العلماء . قال به البعض ، وعدُّوه سبباً من أسباب الإرث .

فالمالكية ـ وتبعهم بعض الشافعية ـ قالوا بإرث بيت المال ، سواء أكان منتظماً أو غير منتظم . واستدلُّوا بقوله r : "أنا وارث من لا وارث له" .

والشافعية في قولهم الآخر ـ وتبعهم بعض المالكية ـ قالوا بإرث بيت المال ، حال انتظامه فقط .

أما الأحناف والحنابلة فقـالوا : بيت مال المسلمين ليس سبباً من أسباب الإرث مطلقاً ، سواء أكان منتظماً أم غير منتظم . ومـن أجـل ذلك قالوا بتوريث ذوي الأرحام ؛ مستدلين بقوله تعالى : ) وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ( [خاتمة سورة الأنفال] .

مسألة : هل يُتصوَّر اجتماع الأسباب الثلاثة (نكاح ، وولاء ، ونسب) في شخص واحد ؟

الجواب : نعم ، ومثاله : إذا اشترى شخص بنتَ عمِّه ، فأعتقها ، وتزوجها ، فقد اجتمعت فيه الأسباب الثلاثة ؛ فهو زوجها ، وابن عمها ، ومولاها .