18-07-2017, 10:05 PM
|
#3
|
مشرف عـام المنتدى (ابو سعد)
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 754
|
تاريخ التسجيل : November 2012
|
أخر زيارة : 30-06-2025 (06:23 PM)
|
المشاركات :
145,039 [
+
] |
التقييم : 38
|
MMS ~
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
رد: المواريث
الأمور المتعلقة بالتركة :
يتعلَّق بالتركة خمسة حقوق ، لا تنتقل التركة إلى الوارث بدونها ، هي :
(1)- التجهيز : أو ما يُعرف بـ"مؤن التجهيز" ؛ وهي عبارة عن فعل ما يحتاج إليه الميت من وقت وفاته إلى حين دفنه ؛ من نفقات غسله ، وحنوطه ، وكفنه ، وأجور حمَّال ، وحفر قبره ، ونقله من بلد إلى بلد (إذا أوصى بذلك) ، وأجور دفنه ، وكلّ ما يلزم إلى أن يُوضع في قبره .
وكلّ تكاليف الدفن تؤخذ من التركة إن لم يتبرّع واحدٌ بالدفع .
(2)- الحقوق التي على الميت : وهي تنقسم إلى قسمين :
أ ـ حقوق عينيَّة (متعلقة بعين التركة) : مثل : بيت مرهون ، أو عبد جنى جنايةً ( قتل ـ مثلاً ـ ، فعليه دية) ، أو بقرة قد أفسدت زرعاً . وهذه الحقوق يجب سدادها قبل التي في الذمّة ـ بالاتفاق ـ ؛ لأنَّها تمنـع التصرُّف في التركة ، فتكون الملكية ضعيفة . فلا بُدّ من فكّ الحجز ، ودفع الحقوق المتعلقة بعين التركة أولاً .
ب ـ حقوق في الذمَّة : وهي تنقسم إلى قسمين :
= حق لله : كأن يكون عليه زكاة في ماله لم يدفعها ، أو عليه كفَّارات ، أو نذر أن يحجّ ، .. إلخ .
= حقّ للعباد : كالديون التي عليه لعباد الله .
ويجب أن لا يكون هناك دينٌ بستغرق التركة كلها ، فإن وجد دينٌ يستغرق كلّ التركة ، فلا مُلْكيَّة خَلَفيَّة .
س : هل حقّ الله مقدَّمٌ على حقّ العباد في السداد ، أم الأمر على العكس ؟
ج : اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
أ/ الحنفيَّة قالوا : الكفارات جميعها لله سبحانه ، والميت ليس مطالباً بإخراجها ، ولا الورثة . بل هي عبادة محضة تسقط بالموت ، والميت آثمٌ بعدم إخراجها .
ب/الشافعية قالوا : أوّل ما يجب أداؤه من الحقوق بعد المتعلق بعين التركة : حقّ الله تعالى ، ثمّ حقّ العباد .
قالوا : والسبب : لأنّ حق الله تعالى ليس له مطالب ، وحقوق العباد لها مطالِب ، ورسول الله r يقول : "اقضُوا الله الذي له ، فالله أحقّ بالوفاء" .
ج/ بعض المالكية قـالـوا : نبدأ بحق العباد ؛ لأنّ حقوق الله مبنيَّة على العفو ، ولأنّ الله تعالى في الآخرة يُطالب بحقوق العباد قبل المطالبة بحقوقه ؛ ولأنّ المرء مرتهنٌ ومعلَّق بدَيْنِهِ كما أخبر رسول الله r ؛ فقد جيء بجنازة ليُصلِّي عليها، فسأل : "أعليه دين ؟" فلما أجابوه بنعم، قال : "صلُّوا على صاحبكم" ؛ فقـد سأل عن حق العباد . أما حقّ الله تعالى فإنَّه معرَّض للعفو بالتوبة ، بخلاف حقوق العباد .
د/ الحنابلة قالوا : حقوق العباد ، وحقوق الله متماثلة ، لا يُقدَّم أحدها على الآخر .
(3)- الوصيَّة :
س : لـم كان أداء الديون المستحقة ـ في التركة ـ مقدَّماً على الوصية ، مع أنَّ الله سبحانه وتعالى قد قدَّم الوصية على الـدَّيْـن في القـرآن الكريم ؛ فقال جلّ وعلا : ) من بعد وصيَّة توصون بها أو دين ( [النساء : 12] ، وقال سبحانه وتعالى : ) من بعد وصيَّة يُوْصَى بها أو دين ( [النساء : 12] .
ج : ظـاهــر الآية الكريمة يدلّ على أنّ الوصيَّة مقدَّمة على الدين ، مع أنّ الأمر بالعكس (الدين مقدّم على الوصية) ، فتُقضى ديون الميت أولاً ، ثمَّ تُنفَّذ وصيّته .
وهذا قضــاء رســول الله صلى الله عليه وسلم وحكمـه ؛ فقـــــد أخبر عنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بـذلك ، فقــال : إنَّكـم تقرؤون هذه الآية : ) من بعد وصيَّة توصون بها أو دين ( ، وإنّ رسول الله r قضى بالدين قبل الوصيّة .
والحكمة من تقديم الوصية على الدين في الآية ـ والله أعلم ـ أنّ الديون حقّ ثابت في ذمَّة المدين قبل الوفاة وبعدها ، ولها مطالِب ؛ إذ لصاحب الحقّ مقـال ؛ ـ كما أخبر رسولنا ـ . أمَّا الوصيَّة فهي تبرّع محض وبرّ وصلة ، وليس لها مطالِب . فلئلا يتهاون الناس في أمرها ، قدّمها الله تعالى في الذكر ، منبِّهاً على وجوب العناية بها كالعناية بالدين .
س : هل الوصية تحتاج إلى إذن الورثة ؟
ج : لا تحتاج الوصيّة إلى إذن الورثة إذا كانت بالثلث فأقل (لغير وارث) . فإذا زادت عن الثلث (لغير وارث) ، أو كان الموصى إليه وارثاً (سواء كانت الوصية بالثلث ، أو بأقل ، أو أكثر) ، فلا بُدّ من رضى الورثة جميعــاً وإذنهم ؛ إذ عدم الإذن وعدم الرضا يضرّ بالورثة ـ ورضاهم إنّما يُعتبر بعد بلوغهم ـ . وإذا لم يرض أحد الورثة ، ورضي الباقون ، فإنّ ذاك الذي لم يرض يأخذ حقَّه كاملاً من الإرث ، ويُنقص من حقوق الباقين ـ الذي رضوا ـ بمقدار ما يُغطي ما أوصى به الميت لذلك الوارث .
إذاً : يُشترط في الوصية إن كانت لغير وارث أن تكون في الثلث ، أو دونه . فإن زادت عن الثلث اشترط إذن الورثة .
ويُشترط في الوصيَّة إن كانت لوارث : إذن الورثة ، ورضاهم جميعاً .
(5)- الإرث :
بعد أن تُسدَّد الحقوق الأربعة السابقة من التركة ، يوزَّع الباقي ـ وهو الإرث ـ على الورثة بحسب أنصبائهم الشرعيَّة .
والكلام على الإرث يتضمَّن بيان أركانه ، وأسبابه ، وشروطه ، والموانع التي تمنعه ، وأنواعه ، وتفصيل كلّ نوع ، والمستحقين ، ونصيب كلّ واحـد من هؤلاء . وهو ما سنفصله إن شاء في المباحث الآتية .
ولنبدأ أولاً بأركان الإرث .
أركـان الإرث
الركن في اللغة : جانب الشيء الأقوى . يُقال : ركنتُ إلى فلان ، إذا اعتمدت عليه .
وهو في الاصطلاح : جزء ماهية الشيء ، أو ما لا يُتصوّر الشيء بدونه ؛ فالركوع في الصلاة ركنٌ ؛ لأنَّه جزءٌ منها ، ولا توجد الصلاة إلا به .
وللإرث أركان ثلاثة ، لا يُتصوّر الإرث بدونها ، فإذا انعدم واحدٌ منها ، انعدم الإرث .
(1)- المورِّث : وهو الذي يستحق غيره أن يرث منه ، وتحقق موته ؛ سواء أكان موته حقيقة (بأن عُدِمت حياته بالفعل) ، أو حكماً (كأن يحكم القاضي بموته ، مع احتمال حياته ؛ كالمفقود) ، أو تقديراً (كالجنين الذي ينفصل عن أمه ميتاً بجناية عليها) ، أو مع تيقن حياته (كالمرتد الذي لحق بدار الحرب) .
(2)- الوارث : وهو الذي يرتبط بالمورِّث بسبب من أسباب الإرث ؛ كالزوجيّة ، أو القرابة النسبيَّة ، وتحقَّقت حياته بعد موت المورِّث ، ولو للحظة ، مع استحقاقه الإرث .
(3)- الحق الموروث : وهو ما يتركه الميت بعد تجهيزه ، وسداد ديونه ، وتنفيذ وصاياه ؛ من أموال وحقوق تُستحقّ بالإرث .
شروط الإرث
الشرط في اللغة : العلامة اللازمة ، الدالَّة على الشيء ، المميِّزة له عن غيره . ومنه : أشراط الساعة ؛ أي علاماتها الدالَّة عليها . وسُمِّي الشُرَط بذلك ؛ لأنَّهم ذوو علامة يُعرفون بها .
والشرط في الاصطلاح : ما يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته . مثل الطهارة شرط لصحة الصلاة ، والاستطاعة شرط لوجوب الحج ، والعقل شرط لصحة العبادة ووجوبها .
وفي الإرث : حياة الوارث مثلاً شرط لاستحقاق الإرث ، فإذا انعدمت حياته انعدم الاستحقاق ، ولا يلزم من وجود تلك الحياة وجود الاستحقاق ، لاحتمال وجود مانع يمنع من ذلك .
فلا يكفي في ثبوت الإرث مجرّد وجود سببه ، بل لا بُدّ من توفّر شروط الاستحقاق .
وللإرث شروط ثلاثة :
(1)- وفاة المورِّث تحقيقاً (وذلك بمشاهدة ، أو بشهادة عدلين) ، أو حكماً (يحكم القاضي بموته . ومثاله المفقـود) ، أو تقديراً (كانفصال الجنين عن أمه ميتاً بسبب الاعتداء عليها ؛ فيُقدَّر أنَّه كان حيّاً في بطن أمِّه ، ثمّ يُقدَّر بعد ذلك أنَّه مات بعد حياة) ؛ وذلك لحكمه بغُرَّة (عبد أو أمة) دية للجنين .
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ مَا فِي بَطْنِهَا غُرَّةٌ ؛ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ . فَقَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي غَرِمَتْ : كَيْفَ أَغْرَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ ولا نَطَقَ ولا اسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ . فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ" .
وهذه الدية تورّث ، وورثة الجنين لا يرثوا ديته إلا إذا قدَّرنا أنَّه كان حياً ، ثمّ جُنِيَ على أمه بجناية ، فخرج ميتاً .
(2)- حـيـاة الـوارث تحقيقاً (بأن يُشاهد ، أو تقوم البيِّنة الشرعية على حياته بشهادة شاهدين عدلين لمن لم يكن حاضراً) ، أو حكماً (كالحمل في بطن أمّه ، يُحكم بحياته) ؛ إذ الحمل يرث بشرطين اثنين ؛ أحدهما : تحقق وجوده في بطن أمه عند موت مورِّثه ولو نطفة . والثاني : خروجه من بطن أمِّه حيَّاً بحياة مستقرة ، يحكم الحاكم أنه كان حياً ، فيورِّثه .
(3)- العلم بالجهة المقتضية للإرث ؛ أي نعلم نسب الوارث ، وصلته بالمورِّث ؛ (من زوجية ، أو ولاء ، أو نسب) ، مع تعيين الدرجة التي اجتمعـا (المورِّث والـوارث) فيهــا (هـل هـي : بنوّة ، أو أُبـوّة ، أو أُخــوّة ـ هل هو أخ شـقيق ، أو أخ لأب ، أو أخ لأم ـ ، أو عمومة ، أو أُمومة ، … إلخ) .
أسباب الميراث
السبب في اللغة : ما يُتوصَّل به إلى غيره ، حسيَّاً كان أو معنوياً .
فمثال الســبب الحســيّ : قـولـه تعالى : ) من كان يظنّ أن لن ينصره الله في الـدنـيــــا والآخرة فليمـــــدد بســــــبب إلى الســماء ثمّ ليقطع فلينظر هل يُذهبنَّ كيده ما يغيظ ( [الحج : 15] ؛ أي فليمدد بحبل .
ومثال السبب المعنوي قوله تعالى عن ذي القرنين وآتيناه من كلِّ شيء سبباً ( [الكهف : 84] ؛ أي آتيناه من كلّ شيء علماً ، أو طريقاً يوصله إليه .
وفي الاصطلاح : ما يلزم من وجوده الوجود ، ومن عدمه العدم لذاته .
|
|
|