عرض مشاركة واحدة
قديم 16-07-2017, 02:12 PM   #2
mustathmer
مشرف عـام المنتدى
  (ابو سعد)


الصورة الرمزية mustathmer
mustathmer غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 754
 تاريخ التسجيل :  November 2012
 أخر زيارة : 30-06-2025 (06:23 PM)
 المشاركات : 145,039 [ + ]
 التقييم :  38
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حوادث السيارات وبيان حكم ما يترتب على ذلك



(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 32)

وفي بداية المجتهد لابن رشد ص 409 ج2 .:

اختلفوا في الفارسين يصطدمان فيموت كل واحد منهما فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة على كل منهما دية الآخر ، وذلك على العاقلة ، وقال الشافعي وعثمان البتي : على كل واحد منهما نصف دية صاحبه لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه .

قال أحمد الدردير في شرحه الكبير لمختصر خليل ص 247 ج 4: وإن تصادما أي المكلفان أو غيرهما ( أو تجاذبا ) حبلا أو غيره كأن جذب كان منهما يد صاحبه فسقطا ( مطلقا ) سواء كانا راكبين أو ماشيين أو مختلفين أو بسفينتين على الراجح ( قصدا ) منهما ( فماتا ) معا فلا قصاص لفوات محله ( أو ) مات ( أحدهما فقط ) ( فالقود ) جواب للمسألتين وهو على حذف مضاف أي فأحكامه ثابتة بينهما وحكمه في موتهما نفيه وفي موت أحدهما ثبوته ، ومن أحكامه أنه إذا كان أحدهما بالغا والآخر صبيا فلا قصاص على الصبي أو كان أحدهما حرا والآخر رقيقا فلا يقتص للرقيق من الحر ويحكم بحكم القود أيضا فيما لو قصد أحدهما التصادم أو التجاذب دون الآخر ، وهو داخل في قوله قصدا ( وحملا عليه ) أي على القصد عند جهل الحال لا على الخطأ وإنما يظهر في موت أحدهما فقط للقصاص من الحي ( عكس السفينتين ) إذا تصادمتا فتلفتا أو إحداهما وجهل الحال فيحملان على عدم القصد فلا قود ولا ضمان لأن جريهما بالريح وليس من عمل أربابهما وهذه العلة تدل على أن المراد بعدم القصد هو العجز لا الخطأ وهو كذلك على الراجح وأما الخطأ ففيه الضمان فظهر أن لقوله : عكس السفينتين فائدة حيث حمل على العجز .

وأما المتصادمان ففي العمد القود كما قال وفي الخطأ الضمان . ولو سفينتين فيهما ولا شيء في العجز بل هدر ولو غير سفينتين كما أشار له بقوله :

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 33)

( إلا لعجز حقيقي ) أي إلا أن يكون تصادمهما لعجز حقيقي ، لا يستطيع كل منهما أن يصرف نفسه أو دابته عن الآخر فلا ضمان بل هدر ولا يحملان عند الجهل عليه بل على العمد كما تقدم لكن الراجح أن العجز الحقيقي في المتصادمين كالخطأ ، فيه ضمان الدية في النفس والقيم في الأموال بخلاف السفينتين فهدر وحملا عند الجهل عليه لأن جريهما بالريح كما تقدم ( لا لخوف غرق أو ظلمة ) فخرج من قوله : عكس السفينتين أي فإنهما يحملان على العجز عند الجهل فلا قود ولا ضمان ( إلا لخوف غرق أو ظلمة ) فالضمان ؛ أي : لا إن قدروا على الصرف فلم يصرفوا خوفا من غرق أو نهب أو أسر أو وقوع في ظلمة حتى تلفتا أو إحداهما أو ما فيهما من آدمي أو متاع فضمان الأموال في أموالهم والدية على عواقلهم لأن هذا ليس من العجز الحقيقي لقدرتهم على الصرف وليس لهم أن يسلموا من الهلاك بهلاك غيرهم ( وإلا ) يكن التصادم في غير السفينتين أو فيهما أو التجاذب قصدا بل خطأ ( فدية كل ) من الآدميين ( على عاقلة الآخر ) للخطأ ، وقيمة فرسه مثلا ، وإنما خص الفرس لأن التصادم غالبا يكون في ركوب الخيل ( في مال الآخر ) لا على عاقلته لأن العاقلة لا تحمل غير الدية ( كثمن العبد ) أي قيمته لا يكون على عاقلة لأنه مال بل في مال الحر ، ودية الحر في رقبة العبد حالة فإن تصادما فماتا فإن زادت دية الحر على قيمة العبد لم يضمن سيده الزائد ، لأنها تعلقت برقبة العبد ، ورقبته زالت ولو زادت قيمة العبد على دية الحر أخذ سيده الزائد من مال الحر حالا . ا هـ .

قال محمد بن يوسف العبدري الشهير بالمواق في شرحه التاج والإكليل لمختصر خليل ص 243 ج 6 .: ( وإن تصادما أو تجاذبا مطلقا قصدا فماتا أو أحدهما فالقود . قال مالك : إذا اصطدم فارسان فمات الفرسان

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 34)

والراكبان فدية كل واحد على عاقلة الآخر وقيمة فرس كل واحد في مال الآخر ، قال مالك : ولو أن حرا وعبدا اصطدما فماتا جميعا فقيمة العبد في مال الحر ودية الحر في رقبة العبد يتقاصان فإن كان ثمن العبد أكثر من دية الحر كان الزائد لسيد العبد في مال الحر وإن كانت دية الحر أكثر لم يكن على السيد من ذلك شيء . وقال في رجلين اصطدما وهما يحملان جرتين فانكسرتا غرم كل واحد ما كان على صاحبه وإن انكسرت إحداهما غرم ذلك له صاحبه . قال مالك في السفينتين تصطدمان فتغرق إحداهما بما فيها فلا شيء في ذلك على أحد لأن الريح تغلبهم إلا أن يعلم أن النواتية لو أرادوا صرفها قدروا فيضمنوا وإلا فلا شيء عليهم قال ابن القاسم : ولو قدروا على حبسها إلا أن فيها هلاكهم وغرقهم فلم يفعلوا فليضمن عواقلهم دياتهم ويضمنوا الأموال في أموالهم وليس لهم أن يطلبوا نجاتهم بغرق غيرهم وكذلك لو لم يروهم في ظلمة الليل وهم لو رأوهم لقدروا على صرفها فهم ضامنون لما في السفينة ودية من مات على عواقلهم ولكن لو غلبتهم الريح أو غفلوا لم يكن عليهم شيء " انتهى . من ابن يونس ابن عرفة قال ابن شاس : وسواء كان المصطدمون راكبين أو ماشين أو بصيرين أو ضريرين أو أحدهما ضريرا وبيده عصا وإن تعمد الاصطدام فهو عمد محض فيه حكم القصاص ولو كانا صبيين ركبا بأنفسهما أو أركبهما أولياؤهما فالحكم فيهما كما في البالغين إلا في القصاص ولو جذبا حبلا فانقطع فتلف فكاصطدامهما وإن وقع أحدهما على شيء فأتلفه ضمناه . ابن عرفة يؤيد هذا ما في المدونة والمجموعة إن اصطدم فرسان فمر أحدهما على صبي فقطع إصبعه ضمناه انظر هنا في ابن عرفة القصاص . من قتل خارجة ولم يلتفت لإثبات قوله أردت عمرا وأراد الله خارجة ومن قتل رجلا عمدا يظنه غيره ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص ومن رمى رجلا بحجر فاتقاها المرمي عليه فقتلت

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 35)

آخر كما لو هرب أمام القاتل فسقط على طفل فقتله كالأربعة الذين تعلق بعضهم ببعض وسقطوا على الأسد فقتلهم ( وحملا عليه عكس السفينتين إلا لعجز حقيقي إلا كخوف غرق أو ظلمة ) قد تقدم جميع ما نقل ابن يونس عن ابن القاسم في اصطدام السفينتين والراكبين ، وقال ابن الحاجب : لو اصطدم فارسان عمدا فإحكام القصاص وإلا فعلى عاقلة كل واحد دية الآخر ثم قال فإن اصطدم سفينتان فلا ضمان بشرط العجز عن الصرف والمعتبر العجز حقيقة لا لخوف غرف أو ظلمة ، ابن عبد السلام : قول ابن الحاجب يوهم أن حكم الفارسين مخالف لحكم السفينتين وليس كذلك لأن الفارسين إذا جمح بهما فرساهما فكان تلف لم يضمنا إلا أن الفرسين إذا جهل أمرهما حمل على أنهما قادران على إمساكهما وفي السفينتين على العجز . ابن عرفة قوله إذا جمح الفرس ولم يقدر راكبه على صرفه أنه لا يضمن يرد بقولها إن جمحت دابة براكبها فوطئت إنسانا فهو ضامن وبقولها إن كان في رأس الفرس اعتزام فحمل بصاحبه فاصطدم فصاحبه ضامن لأن سبب جمحه من راكبه وفعله به إلا أن يكون إنما نفر من شيء مر به في الطريق من غير سبب راكبه فلا ضمان عليه ( وإلا فدية كل على عاقلة الآخر وفرسه في مال الآخر كثمن العبد ) .

وقال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ص 195 ج2 من المهذب:

( فصل ) وإن اصطدم فارسان أو رجلان وماتا وجب على كل واحد منهما نصف دية الآخر . وقال المزني : إن استلقى أحدهما فانكب الآخر على وجهه وجب على المنكب دية المستلقي وهدر دمه لأن الظاهر أن المنكب هو القاتل والمستلقي هو المقتول وهذا خطأ لأن كل واحد منهما هلك بفعله وفعل صاحبه فهدر النصف بفعله ووجب النصف بفعل

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 36)

صاحبه كما لو جرح كل واحد منهما نفسه وجرحه صاحبه ، ووجه قول المزني لا يصح لأنه يجوز أن يكون المستلقي صدم صدمة شديدة فوقع مستلقيا من شدة صدمته . وإن ركب صبيان أو أركبهما وليهما واصطدما وماتا فهما كالبالغين ، وإن أركبهما من لا ولاية له عليهما فاصطدما وماتا وجب على الذي أركبهما دية كل واحد منهما النصف بسبب ما جنى كل واحد من الصبيين على نفسه والنصف بسبب ما جناه الآخر عليه . وإن اصطدمت امرأتان حاملان فماتتا ومات جنيناهما كان حكمهما في ضمانهما حكم الرجلين ، فأما الحمل فإنه يجب على كل واحدة منهما نصف دية جنينها ونصف دية جنين الأخرى لجنايتهما عليهما .

( فصل ) وإن وقف رجل في ملكه أو في طريق واسع فصدمه رجل فمات هدر دم الصادم لأنه هالك بفعل هو مفرط فيه فسقط ضمانه ، كما لو دخل دار رجل فيها بئر فوقع فيها . وتجب دية المصدوم على عاقلة الصادم لأنه قتله بصدمة هو متعمد فيها وإن وقف في طريق ضيق فصدمه رجل ومات وجب على عاقلة كل واحد منهما دية الآخر لأن الصادم قتل الواقف بصدمة هو مفرط فيها والمصدوم قتل الصادم بسبب هو مفرط فيه وهو وقوفه في الطريق الضيق . وإن قعد في طريق ضيق فعثر به رجل فمات كان الحكم فيه كالحكم في الصادم ، والمصدوم وقد بيناه .

( فصل ) فإن اصطدمت سفينتان وهلكتا وما فيهما فإن كان بتفريط من القيمين بأن قصرا في آلتهما أو قدرا على ضبطها فلم يضبطا أو سيرا في ريح شديدة لا تسير السفن في مثلها فإن كانت السفينتان وما فيهما لهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها ويهدر النصف وإن كانت لغيرهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينته ونصف قيمة ما فيها ونصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها لما بيناه في الفارسين ، فإن كان في السفن رجال فهلكوا ضمن عاقلة

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 37)

كل واحد منهما نصف ديات ركاب سفينته وركاب سفينة صاحبه فإن قصدا الاصطدام وشهد أهل الخبرة أن مثل هذا يوجب التلف وجب على كل واحد منهما القصاص لركاب سفينته وركاب سفينة صاحبه وإن لم يفرطا ففي الضمان قولان أحدهما يجب كما يجب في اصطدام الفارسين إذا عجزا عن ضبط الفرسين ، والثاني : لا يجب لأنها تلفت من غير تفريط منهما فأشبه إذا تلفت بضاعة ، واختلف أصحابنا في موضع القولين فمنهم من قال : القولان إذا لم يكن من جهتهما فعل بأن كانت السفن واقفة فجاءت الريح فقلعتها ، فأما إذا سيرا ثم جاءت الريح فغلبتهما ثم اصطدما وجب الضمان قولا واحدا لأن ابتداء السير كان منهما فلزمهما الضمان كالفارسين . وقال أبو إسحاق وأبو سعيد : القولان في الحالين ، وفرقوا بينهما وبين الفارسين بأن الفارس يمكنه ضبط الفرس باللجام والقيم لا يمكنه ضبط السفينة ، فإن قلنا إنه يجب الضمان كان الحكم فيه كالحكم فيه إذا فرط إلا في القصاص فإنه لا يجب مع عدم التفريط وإن قلنا إنه لا يجب الضمان نظرت فإن كانت السفن وما فيها لهما لم يجب على كل واحد منهما ضمان وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيهما أمانة كالوديعة ومال المضاربة لم يضمن لأن الجميع أمانة فلا تضمن مع عدم التفريط وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيها يحمله بأجرة لم يجب ضمان السفن لأنها أمانة وأما المال فهو مال في يد أجير مشترك فإن كان مع صاحبه لم يضمن وإن لم يكن معه صاحبه فعلى القولين في الأجير المشترك وإن كان أحدهما مفرطا والآخر غير مفرط كان الحكم في المفرط ما ذكرناه إذا كانا مفرطين ، والحكم في غير المفرط ما ذكرناه إذا كانا غير مفرطين .

وقال الشيخ محمد الشربيني الخطيب في شرح المنهاج : \ 1

( فصل ) فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه ، إذا

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 38)

( اصطدما ) أي حران كاملان راكبان أو ماشيان أو راكب وماش طويل سواء أكانا مقبلين أو مدبرين أم أحدهما مقبلا والآخر مدبرا كما يشعر به إطلاقه ، وإن قيد الرافعي بالمدبرين وقيد المصنف الاصطدام بقوله ( بلا قصد ) كاصطدام أعميين ، أو غافلين ، أو كانا في ظلمة ليشمل ما إذا غلبتهما الدابتان ، وسيأتي محترزه في كلامه ، واستفيد تقييد الاصطدام بالحرين من قوله ( فعلى عاقلة كل ) منهما ( نصف دية مخففة ) أما كونه نصف دية فلأن كل واحد هلك بفعله وفعل صاحبه فيهدر النصف كما لو جرحه مع جراحة نفسه وأما كونها مخففة على العاقلة فلأنه خطأ محض ، ولا فرق في ذلك بين أن يقعا منكبين أو مستلقيين ، أو أحدهما منكبا والآخر مستلقيا اتفق المركوبان كفرسين أو لا كفرس وبعير وبغل اتفق سيرهما أو اختلف كأن كان أحدهما يعدو والآخر يمشي على هينته ( وإن قصدا ) جميعا الاصطدام ( فنصفها مغلظة ) على عاقلة كل منهما لورثة الآخر أما كونها نصف دية فلما مر . وأما كونها مغلظة على العاقلة فلأن القتل حينئذ شبه عمد . لأن الغالب أن الاصطدام لا يفضي إلى الموت فلا يتحقق فيه العمد المحض ولذلك لا يتعلق به القصاص إذا مات أحدهما دون الآخر ( أو ) قصد ( أحدهما ) الاصطدام دون الآخر وماتا ( فلكل ) منهما ( حكمه ) من التخفيف والتغليظ .

( تنبيه ) محل ذلك ما إذا لم تكن إحدى الدابتين ضعيفة بحيث قطع بأنه لا أثر لحركتها ، فإن كانت كذلك لم يتعلق بحركتها حكم كغرز الإبرة في جلدة العقب مع الجراحات العظيمة نقله في الروضة عن الإمام وأقره : وجزم به ابن عبد السلام ولا ينافيه قول الشافعي رضي الله تعالى عنه سواء أكان أحد الراكبين على فيل والآخر على كبش لأنا لا نقطع بأنه لا أثر لحركة الكبش مع حركة الفيل ، ومثل ذلك يأتي في الماشيين كما قاله ابن الرفعة وغيره والصحيح أن على كل منهما في تركته ( كفارتين )

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 39)

إحداهما لقتل نفسه والأخرى لقتل صاحبه لاشتراكهما في إهلاك نفسين بناء على أن الكفارة لا تتجزأ وأن قاتل نفسه عليه كفارة وهو الأظهر والثاني على كل كفارة بناء على أنها تتجزأ ( وإن ماتا مع مركوبهما فكذلك الحكم دية وكفارة ( و ) يزاد على ذلك أن ( في تركة كل ) منهما ( نصف قيمة دابة الآخر ) أي مركوبه لاشتراكهما في الإتلاف مع هدر فعل كل منهما في حق نفسه ، وقد يجيء التقاص في ذلك ولا يجيء في الدية إلا أن يكون عاقلة كل منهما ورثته وعدمت الإبل

( فروع ) لو كان مع كل من المصطدمين بيضة ، وهي ما تجعل على الرأس فكسرت ففي البحر أن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال : على كل منهما نصف قيمة بيضة الآخر ، ولو تجاذبا حبلا لهما أو لغيرهما فانقطع وسقطا وماتا فعلى عاقلة كل منهما نصف دية الآخر وهدر الباقي لأن كلا منهما مات بفعله وفعل الآخر سواء أسقطا منكبين أم مستلقيين أم أحدهما منكبا والآخر مستلقيا فإن قطعه غيرهما فماتا فديتهما على عاقلته لأنه القاتل لهما وإن مات أحدهما بإرخاء الآخر الحبل فنصف ديته على عاقلته وهدر الباقي لأنه مات بفعلهما ، وإن كان الحبل لأحدهما والآخر ظالم فالظالم هدر وعلى عاقلته نصف دية المالك ، ولو كان شخص يمشي فوقع مداسه على مؤخر مداس غيره وتمزق لزمه نصف الضمان لأنه تمزق بفعله وفعل صاحبه ( وصبيان أو مجنونان ) أو صبي ومجنون في اصطدامهما ( ككاملين ) فيما سبق فيهما ومنه التغليظ بناء على أن عمدهما عمد وهو الأصح إن كانا مميزين هذا إن ركبا بأنفسهما وكذا إن أركبهما وليهما لمصلحتهما وكانا ممن يضبط المركوب ( وقيل ) ونص عليه في الأم ( إن أركبهما الولي تعلق به الضمان ) لما فيه من الخطر وجوازه مشروط بسلامة العاقبة ، والأصح المنع كما لو ركبا بأنفسهما :

( تنبيه ) محل الخلاف كما نقلاه عن الإمام وأقراه ما إذا أركبهما لزينة

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 40)

أو لحاجة غير مهمة فإن أرهقت إلى إركابهما حاجة كنقلهما من مكان إلى مكان فلا ضمان عيه قطعا ، قالا: ومحله أيضا عند ظن السلامة فإن أركبهما الولي دابة شرسة جموحا ضمن الولي لتعديه ، قال الأذرعي ، ومحله أيضا فيمن يستمسك على الدابة فلو أركبه دابة هادية وهو لا يستمسك عليها تعلق به الضمان ، قال ابن الرفعة : ويستثنى من عدم تضمين الولي ما إذا كانا غير مميزين كابن سنة وسنتين فأركبهما الولي فيجب على عاقلته دية كل منهما ، قال البلقيني : وينبغي أن يضاف إلى ما ذكره الإمام أن لا ينسب الولي إلى تقصيره في ترك من يكون معهما ممن جرت العادة بإرساله معهما . قال : والمراد بالولي هنا ولي الحضانة الذكر لا ولي المال وذلك ظاهر من قول الشافعي رضي الله تعالى عنه وبسط ذلك . ثم قال ولم أر من تعرض له وقال الزركشي في التكملة : يشبه أنه من له ولاية التأديب من أب وغيره خاص وغيره . وقال في الخادم ظاهر كلامهم والي المال . ا هـ . والأوجه كلام البلقيني ( ولو أركبهما أجنبي ) بغير إذن الولي ولو لمصلحتهما ( ضمنهما ودابتيهما ) لتعديه بإركابهما وحكى ابن المنذر فيه الإجماع .

( تنبيه ) شمل إطلاقه تضمين الأجنبي ما لو تعمد الصبيان الاصطدام وهو كذلك وإن قال في الوسيط يحتمل إحالة الهلاك عليهما بناء على أن عمدهما عمد ، واستحسنه الشيخان لأن هذه المباشرة ضعيفة فلا يعول عليها كما قاله شيخي ، وقوله : ضمنهما ودابتيهما ليس على إطلاقه ، بل الضمان الأول على عاقلته والثاني عليه ، وقضية كلام الجمهور إن ضمان المركب بذلك ثابت ، وإن كان الصبيان ممن يضبطان الركوب وهو كذلك وإن كان قضية نص الأم أنهما إن كانا كذلك فهما كما لو ركبا بأنفسهما وجزم به البلقيني أخذا من النص المشار إليه ، وإن وقع الصبي فمات ضمنه المركب كما قاله الشيخان وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 41)

إركابه لغرض من فروسية ونحوها أو لا ، وهو كذلك في الأجنبي ، بخلاف الولي فإنه إذا أركبه لهذا الغرض وكان ممن يستمسك على الدابة فإنه لا يضمنه ، وقول المتولي لا فرق بين الولي والأجنبي خصه ابن الرفعة في الأجنبي على ما إذا أركب بإذن معتبر . أو اصطدم ( حاملان وأسقطتا ) بأن ألقتا جنينيهما وماتتا ( فالدية كما سبق ) من وجوب نصفها على عاقلة كل منهما وإهدار النصف الآخر ، لأن الهلاك منسوب إلى فعلهما ( وعلى ) أي ويجب في تركة ( كل ) من الحاملين ( أربع كفارات على الصحيح ) بناء على الصحيح أن الكفارة تجب على قاتل نفسه وأنها لا تتجزأ فيجب كفارة لنفسها ، وثانية لجنينها ، وثالثة لصاحبتها ، ورابعة لجنينها لأنهما اشتركا في إهلاك أربعة أنفس . والثاني تجب كفارتان بناء على عدم الوجوب وعلى التجزي ( و ) يجب ( على عاقلة كل ) منهما ( نصف غرتي جنينيهما ) نصف غرة لجنينها ونصف غرة لجنين الأخرى ، لأن الحامل إذا جنت على نفسها فألقت جنينا وجبت الغرة على عاقلتها كما لو جنت على حامل أخرى ولا يهدر من الغرة شيء بخلاف الدية فإنه يجب نصفها ويهدر نصفها كما مر ، لأن الجنين أجنبي عنهما بخلاف أنفسهما .

( تنبيه ) كلامه قد يوهم وجوب رقيق واحد نصفه لهذا ونصفه لذلك وعبارة ابن يونس له أن يسلم نصف رقيق عن واحد ونصف رقيق عن الآخر ، وعلى هذا فكان الأولى للمنصف أن يقول نصف غرة لهذه ونصف غرة للأخرى ( أو ) اصطدم ( عبدان ) وماتا ( فهدر ) سواء ماتا معا بهذا الاصطدام أم أحدهما بعد الآخر قبل إمكان بيعه وسواء اتفقت قيمتهما أم اختلفت ، لأن جناية العبد تتعلق برقبته وقد فاتت .

( أو ) اصطدم سفينتان وغرقتا ( فكدابتين ) اصطدمتا وماتتا في حكمهما السابق ( والملاحان ) فيهما تثنية ملاح ، وهو النوتي صاحب السفينة سمي بذلك لإجرائه السفينة على الماء المالح حكمهما ( كراكبين ) ماتا باصطدام

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 42)

في حكمهما السابق ( وإن كانتا ) أي السفينتان وما فيهما ( لهما ) فيهدر نصف قيمة كل سفينة ونصف بدل ما فيها ، فإن ماتا بذلك لزم كلا منهما كفارتان كما سبق ولزم عاقلة كل منهما نصف دية الآخر .

( تنبيه ) يستثنى من كون الملاحين كالراكبين ما إذا قصد الملاحان الاصطدام بما يعده أهل الخبرة مهلكا مغرقا فإنه يجب نصف دية كل منهما في تركة الآخر ، بخلاف المصطدمين فإنها على العاقلة ، ولو مات أحدهما بما صدر من المتعمد دون الآخر وجب القصاص على الحي بناء على إيجاب القصاص على شريك جارح نفسه ولو كان في السفينة من يقتلان به فعليهما القصاص إذا مات بذلك ، فلو تعدد الغرقى قتل بواحد ووجب في مال كل واحد نصف ديات الباقين وضمان الكفارات بعدد من أهلكا ، وإن كان الاصطدام لا يعد مهلكا غالبا وقد يهلك فشبه عمد فتجب الدية مغلظة على العاقلة ولو كان الملاحان صبيين وأقامهما الولي أو أجنبي فالظاهر كما قال الزركشي إنه لا يتعلق به ضمان لأن الوضع في السفينة ليس بشرط لأن العمد من الصبيين هنا هو المهلك ( فإن ) كانت السفينتان لهما ( وكان فيهما مال أجنبي لزم كلا ) منهما ( نصف ضمانه ) سواء أكان المال في يد مالكه وهو السفينة أم لا لتعديهما ويتخير الأجنبي بين أخذ جميع بدل ماله من أحد الملاحين ثم هو يرجع على الآخر . وبين أن يأخذ نصفه منه ونصفه من الآخر فإن كان الملاحان رقيقين تعلق الضمان برقبتيهما ( وإن كانتا لأجنبي ) والملاحان فيهما أمينين أو أجيرين للمالك ( لزم كلا نصف قيمتهما ) لأن مال الأجنبي لا يهدر منه شيء ، ويتخير كل من المالكين بين أن يأخذ جميع قيمة سفينته من ملاحه ثم يرجع هو بنصفهما على الملاح الآخر . أو يأخذ نصفهما منه ونصفهما من الملاح الآخر ، فلو كان الملاحان رقيقين تعلق الضمان برقبتيهما .

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 43)

( تنبيه ) محل هذا التفصيل إذا كان الاصطدام بفعلهما أو لم يكن وقصرا في الضبط أو سيرا في ريح شديدة فإن حصل الاصطدام بغلبة الريح فلا ضمان على الأظهر بخلاف غلبة الدابة فإن الضبط ثم ممكن باللجام ونحوه فالقول قولهما بيمينهما عند التنازع في أنهما غلبا ؛ لأن الأصل براءة ذمتهما وإن تعمد أحدهما أو فرط دون الآخر فلكل حكمه وإن كانت إحداهما مربوطة فالضمان على مجري السائرة .

وفي المغني لابن قدامة ص 89 من ج 4 .رحمه الله :





( مسألة ) قال ( وإذا اصطدم الفارسان فماتت الدابتان ضمن كل واحد منهما قيمة دابة الآخر ) وجملته : أن على كل واحد من المصطدمين ضمان ما تلف من الآخر من نفس أو دابة أو مال سواء كانت الدابتان فرسين أو بغلين أو حمارين أو جملين أو كان أحدهما فرسا والآخر غيره سواء كانا مقبلين أو مدبرين ، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق .

وقال مالك والشافعي : على كل واحد منهما نصف قيمة ما تلف من الآخر لأن التلف حصل بفعلهما فكان الضمان منقسما عليهما كما لو جرح إنسان نفسه وجرحه غيره فمات منهما ولنا أن كل واحد منهما مات من صدمة صاحبه وإنما هو قربها إلى محل الجناية فلزم الآخر ضمانها كما لو كانت واقفة بخلاف الجراحة . إذا ثبت هذا فإن قيمة الدابتين إن تساوتا تقاصا وسقطتا وإن كانت إحداهما أكثر من الأخرى فلصاحبها الزيادة وإن ماتت إحدى الدابتين فعلى الآخر قيمتها وإن نقصت فعليه نقصها .

( فصل ) فإن كان أحدهما يسير بين يدي الآخر فأدركه الثاني فصدمه فماتت الدابتان أو إحداهما فالضمان على اللاحق لأنه الصادم والآخر مصدوم فهو بمنزلة الواقف .