الأحكام
الموضوعية لجريمة غسل
الأموال في
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي
المقدمة
إن ظاهرة غسل
الأموال وتمويل الإرهاب من أهم المشاكل التي تهدد العالم بأسره؛ لأنها تهدد استقرار الأمن بشكل عام والأمن الاقتصادي بشكل خاص في البلدان المتقدمة والبلدان النامية.
وإن غياب الأنظمة التي تجرم غسل
الأموال في أي بلد يساعد مجرمي غسل
الأموال وممولي الإرهاب الاستمرار في نشاطهم الإجرامي ، لأن غياب مثل هذه الأنظمة في أي دولة تسهل للمجرمين العمل بحرية واستخدام مكاسبهم المالية التي ظاهرها مشروع وباطنها غير ذلك في توسيع نطاق ممارستهم الإجرامية من فساد واتجار بالمخدرات وأسلحة ونحو ذلك .
ولأن المملكة شعرت بخطر غسل
الأموال وتمويل الإرهاب لما لهما من عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة سواء كان السلوك الإجرامي لغسل
الأموال وتمويل الإرهاب ناتج من عمل غير مشروع أو ناتج من مصدر مشروع في تمويل الإرهاب.
تعريف جريمة غسل
الأموال في
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي
تعريف غسل
الأموال في اللغة :
غَسَلَ: غَسَلَ الشئَ يغسله غسلاً وغُسلاً،يعني طَهََّرَ"لسان العرب 11/494"،وغسيل على وزن فعيل وهي مشتثة من الفعل (غسل ) بمعنى تطهير الشئ وتنقيته "معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/424".
المال : لغة مولاً ومؤولاً كثر ماله صار ذا مال " لسان العرب 11/611"والمال اسم جنس على ما يملكه الإنسان من متاع أو عقار أو أو منقول ونحوها .
تعريف غسل
الأموال في
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي :
غسل الأموال: ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر "الفقرة (1) من المادة الأولى من
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي ".
الأموال: الأصول أو الممتلكات أيا كان نوعها مادية كانت أو معنوية، منقولة أو ثابتة، والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تملك الأصول أو أي حق متعلق بها. "الفقرة (2) من المادة الأولى من
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي ".
ونلاحظ أن
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي وضح المقصود به إلى وجود نشاط إجرامي أو مجرد الشروع يهدف إلى إخفاء أو تمويه حقيقة
الأموال المكتسبة من أي جريمة مخالفة للشرع أو النظام بحيث تؤدي عملية الغسل جعل
الأموال كأنها مشروعة المصدر .
أركان جريمة غسل
الأموال
الأول: الركن المفترض
لجريمة غسل
الأموال "محل جريمة غسل الأموال":
يقصد بمحل جريمة غسل
الأموال هي
الأموال والمتحصلات لأي نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي وسبق أن قلنا أن
الأموال هي الأصول أو الممتلكات أيا كان نوعها مادية كانت أو معنوية، منقولة أو ثابتة، والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تملك الأصول أو أي حق متعلق بها ، وأن المتحصلات هي أي مال مستمد أو حصل عليه – بطريق مباشر أو غير مباشر – من ارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها وفقاً لأحكام هذا النظام.
ويجب أن يكون المال أو المتحصلات محل الغسل مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وحدد الإكتساب بمجرد النشاط الإجرامي أو المصدر غير المشروع أو المصدر غير النظامي أو العلم بأنها مكتسبة من نشاط الإجرامي أو مصدر غير المشروع أو مصدر غير النظامي .
والمتتبع للتشريعات المقارنة حيال تحديد الجريمة الأصلية أو إطلاقها يكون في أسلوب من ثلاثة هي:
1- أسلوب التقييد أو الحصر، ومعناه حصر جرائم محدد يتحصل منها المال، وتكون محلاً لغسل الأموال،وغير هذه الجرائم التي يحصل منها المال وتكون محلاً للغسل لا تكون مجرمة عندهم. ومن عيوب هذا الأسلوب خروج بعض الجرائم التي تحدث هزات للاقتصاد الوطني في جرائم لم تدون وأنها سوف تؤدي إلى الحاجة الماسة دائما لإضافة بعض الجرائم كلما رأى المشرع خطورتها مما تكون حرية تامة للمجرمين في الانتقال بين الجرائم الغير مشمولة بها
نظام غسل الأموال.
2- أسلوب الإطلاق ومؤداه عدم التحديد المسبق للجرائم الأصلية بحيث يشمل كل الأفعال التي تكوِّن السلوك الإجرامي، ومن مزايا هذا الأسلوب عدم إفلات المجرمين من العقاب.
3- الأسلوب المختلط ، ويعني الأخذ بنوع معين من الجرائم دون تحديد لمشتملات هذا النوع وفي الوقت نفسه حصر بعض الجرائم وتجريم الغسل الذي يقع على
الأموال المتحصلة منها .
صور اكتساب المال محل الغسل في
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي:
أولاً :
الأموال الناتجة من النشاط الإجرامي :
وعرف النظام ذاته النشاط الإجرامي بأنه أي نشاط يشكل جريمة معاقب عليها وفق الشرع أو النظام بما في ذلك تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.
والنشاط الإجرامي هو المظهر الخارجي والتجسيم المادي للتصور الإجرامي وهو نوع من السلوك جرمه الشارع ووضع له جزاءً جنائياً.
ونلاحظ من مفهوم النشاط في النظام ذاته أنه أي نشاط يشكل جريمة سواء كان هذا النشاط كنوع من السلوك الإنساني هو الأفعال أو الامتناع الصادرة من العقلاء أو أنصاف العقلاء الذين يعون ويقدرون على إتيانها بإرادتهم ولكنه لا يصدر عن أناس لا يعقلون لأنهم لا يفهمون ولا يقدرون الأمور وعواقبها كالصغار غير المدركين والمعتوهين والمجانين .
فأي نشاط إجرامي يشكل جريمة في التشريع الجنائي الإسلامي معاقب عليه يعد جريمة أولية إذا نتج منها مال يكون محلاً
لجريمة غسل
الأموال سواء كانت هذه الجرائم من جرائم الحدود أو القصاص أو التعازير .
ونصت المادة (2/3) من اللائحة التنفيذية لنظام
مكافحة غسل
الأموال أن من أمثلة النشاط الإجرامي أو المصدر غير المشروع أو غير النظامي التي يعتبر الاشتغال بالأموال الناتجة عنها من عمليات غسل
الأموال ما يلي:-
أ- الجرائم المنصوص عليها في المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988م المصادق عليها بقرار مجلس الوزراء رقم (168) وتاريخ 11/8/1419هـ .
ب - الجرائم المنظمة الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو) الصادرة في ديسمبر 2000م والموقع عليها بقرار مجلس الوزراء رقم (210) وتاريخ 1/9/1421هـ.
ج- تهريب المسكرات أو تصنيعها أو المتأخرة بها أو ترويجها.
د- جرائم تزييف وتقليد النقود المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم (12) وتاريخ 12/7/1379هـ .
هـ- جرائم التزوير المنصوص عليها في
نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (114) وتاريخ 26/11/1380هـ والمعدل بالمرسوم الملكي رقم (53) في 5/11/1382هـ.
و- جرائم الرشوة المنصوص عليها في
نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (36) وتاريخ 29/12/1412هـ
ز- تهريب الأسلحة والذخائر أو المتفجرات أو تصنيعها أو الاتجار فيها.
ح- القوادة أو إعداد أماكن الدعارة أو الاعتياد على ممارسة الفجور.
ط- السلب أو السطو المسلح.
ي- السرقات.
ك- النصب والاحتيال.
ل- الاختلاس من
الأموال العامة التابعة للجهات الحكومية أو التي تساهم بها الدولة، وكذلك الخاصة كالشركات والمؤسسات التجارية ونحوها.
م - مزاولة الأعمال الية بطريقة غير نظامية المنصوص عليها في المادة الثانية من
نظام مراقبة البنوك الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (5) وتاريخ 22/2/1386هـ .
ن- الجرائم المتعلقة بالأنشطة التجارية كالغش بالأصناف والأوزان والأسعار وتقليد السلع. والتستر التجاري المنصوص عليه في المادة الأولى من
نظام مكافحة التستر التجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/49) وتاريخ 16/10/1409هـ .
س- التهريب الجمركي الواردة في
نظام الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (241) وتاريخ 26/10/1423هـ.
ع- جرائم التهرب الضريبي .
ثانياً :
الأموال الناتجة من المصدر غير المشروع :
إن كل مال ناتج من نشاط إجرامي يكون مصدره غير مشروعاً لكن ليس كل مال ناتج من مصدر غير مشروع هو نشاطٌ إجراميٌ فالأموال الناتجة من المعاملات التجارية والمدنية غير المشروعة نذكر على سبيل البيان كالعقود الباطلة أو الفاسدة نذكر على سبيل المثال عقد المراهنة حيث يتعهد بموجبه كل من المتراهنين أن يدفع للآخر إذا لم يصدق قوله في واقعة غير محققة ،سواء كان في الألعاب الرياضية أو غيرها وعقود التأمين غير الشرعية وما ينتج عنها من أموال لصالح المؤمِن والأموال الناتجة من عدم صحة دعوى الإعسار أو الإفلاس التجاري أو
الأموال الناتجة من البيوع غير المشروعة أو
الأموال الناتجة من العقود الواردة على العمل بطريقة غير مشروعة أو
الأموال الناتجة من كافة العقود غير المشروعة .
ثالثاً :
الأموال الناتجة من المصدر غير النظامي :
إن
الأموال الناتجة من التسول والأموال الناتجة من المخالفات الإدارية والمخالفات المالية لموظفي الدولة والأموال الناتجة من أي مصدر غير نظامي في أنظمة المملكة العربية السعودية.
النتائج المترتبة على ما ذكر أعلاه :
أولاً :إن
نظام مكافحة غسل
الأموال أخذ بالمفهوم الموسع للركن المفترض
لجريمة غسل
الأموال الذي لا يحدد جريمة أو جرائم بعينها لتكون أساسا
لجريمة غسل
الأموال وإنما كل نشاط مخالفاً للشرع أو النظام يصلح أن يكون أساساً لتجريم غسل
الأموال .
ثانياً : عدم تلازم الإدانة في الجريمة الأولية (مصدر المال ) والإدانة في جريمة غسل
الأموال في
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي .
لأن محل الغسل (مصدر المال) شرط مفترض
لجريمة غسل
الأموال كما ذكرنا وغسل المال هو نتيجة مترتبة على محل الغسل .
والشرط المفترض هو وجود مال ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي (هو محل جريمة غسل
الأموال ) وتكون جريمة مستقلة تماماً عن جريمة غسل الأموال.
ويترتب على هذا الاستقلال عدم تلازم الإدانة في نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي (مصدر المال ) والإدانة في جريمة غسل الأموال؛لأن (مصدر المال)مرتبطة بجريمة غسل
الأموال في المال المتحصل منها .
فلا يستلزم الحكم في النشاط الإجرامي المكون للجريمة أو مصدر المال غير مشروع أو مصدر المال غير النظامي حتى تتم إدانة المتهم في جريمة غسل
الأموال فقد تحكم المحكمة في النشاط الإجرامي المكون للجريمة أو مصدر المال غير مشروع أو مصدر المال غير النظامي أو لا تحكم وتحكم المحكمة بالإدانة في جريمة غسل الأموال.
والمتتبع لنصوص
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي لن يجد نص صريح أو ضمني بتلازم الحكم في النشاط الإجرامي المكون للجريمة أو مصدر المال غير مشروع أو مصدر المال غير النظامي والإدانة في جريمة غسل
الأموال في
نظام مكافحة غسل
الأموال السعودي والحال كذلك في قواعد الارتباط المادي للنظام العقابي الإسلامي .
بل إن النظام اشترط أن يكون المال ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي سواء كان السلوك صادر بالأفعال أو بالامتناع عن الأفعال المفروضة علية وسواء كان السلوك صادر من العقلاء المدركون أو أنصاف العقلاء كالصغار أو غير العقلاء كالمجانين .
والقواعد العامة في الشريعة الإسلامية من حيث ما أشير إليه تؤيد عدم تلازم الحكم في النشاط الإجرامي المكون للجريمة أو مصدر المال غير مشروع أو مصدر المال غير النظامي الأولية وثبوت الإدانة في جريمة غسل
الأموال .
ولم ينص النظام ذاته على وجوب صدور حكم نهائي بل اشترط بأن يكون مكتسباً خلافاً للشرع أو النظام كما أشير إليه في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه .
وهناك فرق بين وجود مال ناتج من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي وبين صدور حكم نهائي يثبت أن المال ناتج من جريمة جنائية أو مخالفة مالية أو إدارية أو مصدر غير شرعي أو غير نظامي وهذا ما لم يقصده المنظم أو يشير إليه.
النشاط الإجرامي المكون للجريمة أو مصدر المال غير مشروع أو مصدر المال غير النظامي كشرط مفترض في جريمة غسل
الأموال تعد متوفرة ولو لم تكن الدعوى الجنائية قد حركت فيها بسبب النشاط الإجرامي أو حركت وتوافر مانع يحول دون تقرير المسؤولية الجنائية لمرتكبها كصغر السن أو الجنون أو الإكراه مما لا يمنع ذلك من محاكمة متهم آخر والحال كذلك في مصدر المال غير المشروع أو النظامي .
وقد تنقضي الدعوى الجزائية العامة في النشاط الإجرامي في الأحوال المنصوص عليها في الفقرة (4،3،2) من المادة (22) من
نظام الإجراءات الجزائية ، أو جود خطأ إجرائي في جمع الأدلة والمعلومات في الجريمة الأولية لا يمكن تصحيحه مما يستلزم أن تحكم المحكمة ببطلانه ، فيستحيل هنا أن نقول أن الجريمة الأولية غير متوفرة أو النشاط الإجرامي غير مكتمل .
وإن المحكمة إذا أسست حكمها بعدم الإدانة في الجريمة الأولية أو النشاط الإجرامي على أسباب تنفي اتصال المتهم بالجريمة أو لأسباب موضوعية مثل انتفاء أحد أركان الجريمة فإن ذلك لا ينفي وقوع الجريمة الأصلية .
والمبدأ قد استقر عند فقهاء الشريعة والقانون أن الحكم إذا أسس على عدم كفاية الأدلة لا يعني عدم وقوع الجريمة من المتهم ذاته أو متهم آخر ولا يعني عدم صحة وقوع الجريمة لأن أدلة الثبوت لم تتوافر أمام المحكمة أو أن الأدلة توافرت لكن لم تكن كافية في حق المتهم وقد أخذ به
نظام الإجراءات الجزائية السعودي بشكل عام كقاعدة عامة في مواضع منها المادة (125) والمادة (206) في إعادة النظر عندما قرر إذا ظهر بعد الحكم بيّنات أو وقائع لم تكن معلومة وقت المحاكمة، وكان من شأن هذه البيّنات أو الوقائع عدم إدانة المحكوم عليه، أو تخفيف العقوبة حيث قرر ضمناً في المادتين بمفهومي الموافقة والمخالفة عدم ثبوت الإدانة لا يعني عدم صحة وقوع الجريمة من ذات المتهم أو متهم آخر .
وقد تحكم المحكمة بعدم الإدانة وتسبب الحكم بانتفاء الركن المعنوي للجريمة الأولية فالقياس والاستنتاج السليم يؤكد أن الركن المادي للجريمة قائم وأن مصدر المال المتحصل من الجريمة يبقى غير مشروعاً وأن انتفاء الركن المعنوي كان بسبب وجود حالة ضرورة لارتكاب الجريمة الأولية أو انعدام الإرادة أو العلم مما يعني أن الجريمة بركنها المادي لا زالت قائمة ويمكن للمحكمة في جريمة غسل
الأموال الرجوع إليها في شأن تقدير عدم مشروعية المال محل الغسل في جريمة غسل
الأموال .
لكن في حالة انتفاء الركن المادي والمعنوي للجريمة الأولية فلا يجوز محاكمة أي شخص عن غسل
الأموال المتحصلة من الجريمة لانتفاء هذه الجريمة إذ بانتفائها يختلف الشرط المفترض اللازم توافره لقيام جريمة غسل
الأموال لا نتفاء النشاط الإجرامي المشار إليه في
نظام مكافحة غسل
الأموال .
لكن إذا تبين أن ذات المتهم قد أرتكب سلوكاً أو أفعالاً بقصد إخفاء المال أو تمويه مصدره بحيث يجعلها مشروعة المصدر مع العلم أن لديه حكماً يقضي بعدم إدانته.
هنا نكون بصدد دعوى متعلقة بغسل أموال تختلف من حيث موضوعها وسببها عن الدعوى المتعلقة بالنشاط الإجرامي أو بالجريمة الأولية التي صدر فيها حكم بعدم ثبوت الإدانة.
فمجرد قيام المتهم بارتكاب إي سلوك بقصد إخفاء المال أوتمويه مصدره لكي يجعله مشروع المصدر مع العلم أن لديه حكم بعدم الإدانة كافٍ لجعل محكمة الموضوع التي تنظر الدعوى المتعلقة بغسل
الأموال حرية التقدير في القول بوقوع الجريمة الأولية أو النشاط الإجرامي .
ثالثاً: جواز اتحاد شخص المتهم في النشاط الإجرامي أو الشخص مصدر المال غير المشروع أو الشخص مصدر المال غير النظامي في جريمة غسل
الأموال في
نظام مكافحة غسل
الأموال .
لأن مرتكب النشاط الإجرامي أو مصدر المال غير المشروع أو مصدر المال غير النظامي قد يكون نفس الشخص وقد يكون شخصاً آخر غيره.
فمن يرتكب نشاطاً إجرامياً وينتج عنه مالاً أو يحصل على مال من مصدر غير شرعي أو غير نظامي ويقوم ذات الشخص بغسل المال بحيث يرتكب واحدا من صور السلوك الإجرامي
لجريمة غسل
الأموال بقصد الإخفاء والتمويه وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون مرتكباً
لجريمة غسل
الأموال .
ويعاقب الفاعل جنائياً على النشاط الإجرامي في الجريمة الأولية وعلى النشاط الإجرامي في جريمة غسل
الأموال .
ومثال ذلك : من يحتال على الناس ويأخذ أموالهم وينصب عليهم هنا يكون فعلاً إجرامياً واحداً استند إلى قرار إرادي واحد حيث قرر المتهم على العزم على الاحتيال على الناس وأخذ أموالهم والنصب عليهم ثم نفذ هذا القرار بأن عمد إلى تحقيق الفعل ، فإن اكتفى بهذا السلوك اكتفينا بمعاقبته على الاحتيال للنصب على الناس وأكل أموالهم بالباطل بعقوبة تعزيرية وبرد كامل المال حيث يجب رد العين أو رد القيمة أو المثل عند تعذر العين .
أما إن لم يرد العين أو القيمة أو المثل ثم قام بسلوك إجرامي آخر وأجرى عملية للمال بقصد الإخفاء أو التمويه وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون هنا غاسلا للمال.
ونلاحظ أن الفعل الإجرامي في المثال المذكور قد تعدد من فاعل واحد أو شركاء ففي الجريمة الأولية كان القرار الإرادي هو الحصول على المال بالاحتيال والنصب ثم تنفيذ هذا القرار والحصول على المال ثم عزم المتهم على إجراء عمليات"(13) العملية هي : كل تصرف في
الأموال أو الممتلكات أو المتحصلات النقدية أو العينية. ويشمل على سبيل المثال: الإيداع، السحب، التحويل، البيع، الشراء، الإقراض، المبادلة أو استعمال خزائن الإيداع ونحوها مما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا النظام" على المال بقصد الإخفاء والتمويه وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر ثم نفذ هذا القرار بإجراء أي عملية على المال بقصد الإخفاء أو التموية وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر ، هنا يكون الفاعل ارتكب عدة جرائم لا تقوم إلا إذا وقعت من فاعل أو شركاء لا يفصل بينهما حكم وهو تعدد حقيقي في جريمتين مستقلتين حيث تعدد القرار الإرادي وتعددت الحركات العضلية التي تتحقق بها ماديات الجريمة ونكون بصدد أفعال إجرامية متعددة .
رابعاً : إن اتحاد شخص المتهم في النشاط الإجرامي
لجريمة المخدرات وجريمة غسل
الأموال يطبق بحقه
نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية إعمالاً لنصوص مواده ولا يطبق بحقه
نظام غسل
الأموال .
لأن الناظر في
نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 39 وتاريخ 8 / 7 / 1426 هـ يجد أن النظام قد عَرَّف غسل
الأموال بأي فعل مقترف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة (بوساطة) بغية اكتساب أموال أو حقوق أو ممتلكات نتيجة ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام، أو نقلها أو إخفاء أو تمويه حقيقتها أو مصدرها أو مكانها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها، أو المساهمة بصورة أصلية أو تبعية في هذه الأعمال بهدف إخفاء المصدر غير المشروع للأموال أو تمويهه أو بقصد مساعدة أي شخص له علاقة بهذه الجرائم لتمكنيه من غسل
الأموال والإفلات من العقاب.
والمنظم في
نظام المخدرات يتكلم عن وحدة المتهم في الجريمة الأولية النشاط الإجرامي (مصدر المال) وجريمة غسل
الأموال والمشاركين مع المتهم (الفاعل الأصلي) "وحدة المتهم "في الجريمة الأولية وجريمة غسل الأموال. فإذا كان(الجناة ) أو الجاني قد ارتكب جريمة مخدرات وتحصل منها مال وقام ذات (الجناة ) أو الجاني بغسله فيطبق بحقه
نظام مكافحة المخدرات وكذلك المشاركين لهم بالمساعدة أو الاتفاق أو التحريض.
المشاركين لهم بالمساعدة أو الإتفاق أو التحريض .
الدليل :
نص الفقرة (5) من المادة (3) :غسل
الأموال المحصلة نتيجة ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام.
هنا يشترط إرتكاب جريمة المخدرات ثم غسل
الأموال المتحصلة منها .
أما إذا لم يتحد الجاني في الجريمة الأولية وجريمة غسل الأموال(أو اتحد في غير جرائم المخدرات ) فيطبق بحقه
نظام غسل
الأموال دون
نظام المخدرات.
مثال :إذا أنتقل المال الناتج من المخدرات من شخص إلى آخر بطريق البيع أو الهبة أو العطية وعلم المنتقل إليه أن المال من متحصلات جريمة المخدرات وقام بغسل هذا المال فيطبق بحقه
نظام مكافحة غسل
الأموال دون
نظام المخدرات .
إن المتهم لم يرتكب جريمة مخدرات وغسله للأموال ليس بسبب إراتكابه جريمة مخدرات وإنما بسبب اكتسابه للأموال المتحصله من جريمة المخدرات من الفاعل المرتكب
لجريمة المخدرات فيطبق بحقه
نظام مكافحة غسل
الأموال لأن الفقرة (1)من المادة (1) من
نظام غسل
الأموال : ارتكاب فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر،عامة تشمل غاسل
الأموال سواء اتحد الجاني في الجريمتين أو لم يتحد ،أما
نظام المخدرات فقد خصص العقوبة لغاسل
الأموال المرتكب
لجريمة المخدرات أو المشاركين له عند إتحاد الجاني أو الجناة في الجريمتين بحيث أصبح نشاطهما في جريمة غسل
الأموال مكمل
لجريمة المخدرات، وفي كلا الحالتين إذا ارتكب غاسل
الأموال جريمة غسل
الأموال واقترنت بأي من الأحوال التالية :
أ – إذا ارتكب الجاني الجريمة من خلال عصابة منظمة.
ب – استخدام الجاني للعنف أو الأسلحة.
ج – شغل الجاني وظيفة عامة واتصال الجريمة بهذه الوظيفة، أو ارتكابه الجريمة مستغلاً سلطاته أو نفوذه.
د – التغرير بالنساء أو القصر واستغلالهم.
هـ - ارتكاب الجريمة من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية أو في مرفق خدمة اجتماعية.
و – صدور أحكام محلية أو أجنبية سابقة بالإدانة بحق الجاني ، وبوجه خاص في جرائم مماثلة .
فيعاقب وفق المادة (17) من
نظام مكافحة غسل
الأموال لأنها العقوبة الأشد .
الثاني: الركن المادي في جريمة غسل
الأموال
صور السلوك الإجرامي
حصر النظام صور السلوك الإجرامي في المادة الثانية من النظام حيث نص على:
يعد مرتكبا جريمة غسل
الأموال كل من فعل أية من الأفعال الآتية :
(أ) إجراء أى عملية لأموال أو متحصلات مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .
(ب) نقل أموال أو متحصلات أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .
(ج) إخفاء أو تمويه طبيعة
الأموال أو المتحصلات ، أو مصدرها أو تحركاتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي.
(د) تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية .
(ﻫ) الاشتراك بطريقة الاتفاق أو المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة .
أولاً: إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي :
أدخل المنظم في عداد السلوك الإجرامي إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي .
وقد حددت اللائحة تعريف العملية:بأنها كل تصرف في
الأموال أو الممتلكات أو المتحصلات النقدية أو العينية ويشمل على سبيل المثال:الإيداع،السحب،التحويل،البيع ،الشراء ،الإقراض،المبادلة ،أو استعمال خزائن الإيداع ونحوها.
والأموال هي: الأصول أو الممتلكات أيا كان نوعها مادية كانت أو معنوية، منقولة أو ثابتة، والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تملك الأصول أو أي حق متعلق بها.
والمتحصلات هي : أي مال مستمد أو حصل عليه – بطريق مباشر أو غير مباشر – من ارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها وفقاً لأحكام هذا النظام .
فأي أموال أو متحصلات مستمدة من نشاط إجرامي أو مصدر غير شرعي أو نظامي ثم القيام بإجراء أي عملية لهذه
الأموال أو المتحصلات سواء كانت العملية بالإيداع أو السحب أو التحويل أو البيع أو الشراء أو الإقراض أو المبادلة ونحوها بقصد الإخفاء أو التمويه للأموال أو المتحصلات وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون الفاعل أو الشريك مرتكباً
لجريمة غسل
الأموال .
ثانياً : نقل أموال أو متحصلات أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي :
إن
الأموال أو المتحصلات المستمدة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي ثم القيام بنقلها أو اكتسابها من شخص آخر أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها بقصد الإخفاء أو التمويه حتى تبدو كأنها مشروعة المصدر يكون الفاعل أو الشريك مرتكباً
لجريمة غسل
الأموال .
ومفهوم النقل يعني انتقال ذات
الأموال أو المتحصلات من مكان لآخر بأسلوب يقصد من وراءه إخفاء أو تمويه حقيقة
الأموال المكتسبة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر .
ومفهوم النقل يكون بنقل
الأموال أو المتحصلات من دولة إلى دولة أخرى أو من مدينة إلى مدينة أخرى بسبب وجود أنظمة رقابية صارمة على التعاملات المالية في هذه الدول أو المدن سواء كان النقل عن طريق نقل التقليدي كالنقل بالسيارات أو بمؤسسات البريد الحكومية أو الخاصة أو كان النقل تقنيا عن طريق النقل بوسائل التقنية الحديثة ونحوها .
ونلاحظ في المطارات أن أجهزة الدولة كالجمارك في المطارات أو المواني مثلاً تضبط مبالغ نقدية ضخمة يتم الشروع في نقلها إلى خارج المملكة أو دخولها إلى المملكة بقصد غسل هذه الأموال. مفهوم الاكتساب بالتكسب أو التربح من
الأموال أو المتحصلات الناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي ولا يشترط أن يكون الحصول على
الأموال أو المتحصلات من الجريمة بطريق مباشر بل يمكن أن يكون الحصول عليه بطريق غير مباشر كالإرباح الناتجة من
الأموال المتحصلة من الجريمة .
ومفهوم التلقي بالاستلام على سبيل التملك أو التصرف بها سواء كان المستلم أشخاص طبيعيين أو أشخاص اعتباريين كالبنوك والمصارف والمؤسسات أو الشركات المختلفة.
مفهوم الاستخدام بالانتفاع بها على أي وجه. ومفهوم الحفظ بإيداعها على سبيل الأمانة في خزائن الإيداع ونحوها أو بالحفظ التقليدي لدى الأشخاص.
مفهوم التحويل :
ويقصد بالتحويل هو التحويل الي من حساب إلى حساب آخر ونحو ذلك أو تغيير العملات بعملات أخرى أو تحويل
الأموال إلى شيكات سياحية أو خطابات اعتماد ونحوها أو تحويل
الأموال من عن طريق مكاتب الصرافة أو الأشخاص ونحو ذلك أو يكون التحويل بطريقة غير ية وذلك بتغيير شكل
الأموال من نقود إلى ذهب أو لوحات فنية ونحو ذلك .
ثالثاً :إخفاء أو تمويه طبيعة
الأموال أو المتحصلات ، أو مصدرها أو تحركاتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي.
إن سلوك إخفاء طبيعة
الأموال أو المتحصلات يقصد به الحيازة المستترة للمال أو المتحصلات يهدف إلى منع كشف مصدر المال أو الحد من تتبع مصدره وإمكانية الوصول إليه بصور متعددة يفهم من طريق الاستدلال والاستنتاج أن المتهم يحاول إخفاء طبيعة المال سواء كان سلوك الإخفاء .
أما سلوك التمويه فإنه يقصد به اصطناع مصدر مشروع غير حقيقي للأموال أو المتحصلات غير المشروعة .
ونلاحظ أن المنظم قد جعل بعض صور السلوك غسلاً للمال لمجرد الاتصال بالمال دون التعامل معه كالحفظ ونحوها وجعل بعض صور السلوك غسلاً للمال لمجرد الاتصال بالمال التعامل معه.
رابعاً: تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.
إن المنظم أدخل سلوك تمويل الإرهاب والإعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية من جرائم غسل
الأموال سواء كان مصدر المال أو المتحصلات من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو نظامي أو كانت أو
الأموال أو المتحصلات من مصدر شرعي .(راجع المادة (2/1) من اللائحة التنفيذية للنظام ذاته ).
خامساً: الاشتراك بطريقة الاتفاق أو المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة.
إن المنظم وسع صور الاشتراك بالتسبب إلى صوراً عدة وهي الاتفاق والمساعدة والتحريض وهي الصورة المعروفة في القانون الوضعي بالمساهمة الجنائية وزاد عليها تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع.
الثالث: محل السلوك الإجرامي:
إن محل جريمة غسل
الأموال هي
الأموال وقد جاء تعريف
الأموال في نص الفقرة (2) من المادة الأولى من
نظام مكافحة غسل
الأموال بأنها الأصول أو الممتلكات أيا كان نوعها مادية كانت أو معنوية، منقولة أو ثابتة، والمستندات القانونية أو الصكوك التي تثبت تملك الأصول أو أي حق متعلق بها .وأن المتحصلات هي أي مال مستمد أو حصل عليه – بطريق مباشر أو غير مباشر – من ارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها وفقاً لأحكام هذا النظام .