عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2017, 10:52 PM   #5
mustathmer
مشرف عـام المنتدى
  (ابو سعد)


الصورة الرمزية mustathmer
mustathmer غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 754
 تاريخ التسجيل :  November 2012
 أخر زيارة : 01-06-2024 (10:43 PM)
 المشاركات : 146,935 [ + ]
 التقييم :  38
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: المخدرات وتركيباتها



سابعاً: المخدرات والجريمة

اختلفت الآراء حول علاقة المخدرات بالجريمة وهل هي علاقة سببية بين المقدمات والنتائج؟ أم علاقة ارتباط بين مثير واستجابة؟ أم أنها عامل مساعد لا تتم الجريمة إلا بحدوثه؟ ولكل هذه التساؤلات من نتائج الدراسات ما يثبتها ومنها ما ينفيه.
(UNRISD, 1984) وما دام الأمر كذلك وفيه حيرة منهجية، فإنه على الأقل وجدنا من الدلائل ما يثبت -خاصة في العقدين الأخيرين بعد استشراء الظاهرة عالميا وسوء الاستعمال المفرط بالنسبة للمخدرات المصنعة والمواد النفسية المنشطة- أن ثمة جرائم تحدث قبل التعاطي وأخرى بعدها وأغلبها يرتبط بأمرين:
الأول يتعلق بجلب المخدرات وتوزيعها، والثاني يتعلق بعملية الاستهلاك.

وتبدأ الجرائم الخاصة بالجلب والتوزيع من التجريم القانوني لها، وترتبط بالجرائم ضد الأشخاص بالقتل والأذى البالغ أثناء الاصطدام مع قوات المطاردة لعصابات المهربين، أو في مواقف الصراع الذي يحدث أحيانا بين هذه العصابات، وكذلك توريط العديد من الأحداث والشباب في عصابات التوزيع والتسويق. وأخيرا وليس آخرا جرائم التربّح من جراء أنشطة غسيل أموال والتي فطن إليها أخيرا كبار التجار والمهربين.

أما الجرائم المرتبطة بالاستهلاك فإن أغلبها ينحصر في جرائم المال بسبب القهر الذي يسبق رغبة المدمن في الحصول على المخدر عندما يقع في ضائقة مالية تحول بينه وبين القدرة على شراء المخدرات. وتشير دراسة أجريت في تورنتو بكندا إلى تورط الكثير من الأحداث والشباب في نشاط عصابات للشباب خلال سنة 1980 في ارتكاب جرائم السرقة والسطو من أجل الحصول على المال لشراء المخدرات. كما اتضح أيضا أن جرائم العنف والتشويه واستخدام الأسلحة قد صاحبت تسويق مخدر كراك الكوكايين (Fredrik, M)

وأفاد تقرير مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين (ميلانو 1985) عن الشباب والجريمة والعدالة، بأن سلطات الدول المشاركة قلقة للغاية بسبب مصاحبة ازدياد معدل الجريمة بازدياد استهلاك العقاقير المخدرة. وأشير أيضا إلى أنه كثيرا ما يرتكب مسيئو استعمال العقاقير جرائم تتصل بتعودهم تعاطي المخدرات، وخاصة من أجل الحصول على العقاقير أو المال الذي يشترونها به.

ثامناً: دراسات ميدانية على المدمنين

نستعرض فيما يأتي ثلاثة نماذج من دراسة مسحية مقارنة أجريت في 98/1999 باستخدام المنهج سابق الذكر لمعرفة سوء استعمال المواد النفسية المنشطة والاعتماد على الحقن بمادة الهيروين وذلك في كل مصر وإيران وباكستان.

مصر
أجري استبيان شبه مقنن على عينة بلغت 696 حالة من المراكز العلاجية وأيضا من المقاهي والمدارس والمارة من الشوارع.. الخ وكانوا من خمس محافظات مصرية: القاهرة 177، الغربية 144، الإسماعيلية 140، قنا 125، جنوب سيناء 110. وبالرغم من الاختلاف الملحوظ بين هذه المحافظات فإن الملمح العام المشترك هو انتشار سوء استعمال البانجو وهو عشب من نبات القنّب (الحشيش) وكذلك تناول المشروبات الكحولية.

وقد تبين أن سوء استعمال المواد النفسية المنشطة والحقن بالهيروين نمط أكثر شيوعا في المدن الرئيسة الكبرى. وأفصح 17% من العينة أن أسلوب الحقن هو الطريق الرئيسي لاستعمال المخدرات. وهناك 33% اشتركوا في استعمال أدوات الحقن مع أصدقاء، و13% مع غرباء. وذكر ما يقرب من ثلثي الذين يتعاطون المخدر بالحقن أنهم يستخدمون إبرا معقمة حتى عند إعادة الاستعمال، وهناك 16% لا يعقمون أدوات الحقن. واتضح أن 30% من العينة على دراية تامة بطرق انتقال مرض الإيدز، أما فيروس (C) فالدراية أقل.

وقد أكد تحليل بيانات نتائج البحث القومي للإدمان بهشاشة الفئة العمرية من 15 - 20 للانغماس في دائرة التعاطي. وكانت مجاملة الأصدقاء وحب الاستطلاع والعودة إلى مجالسة المتعاطين وقبول المادة المخدرة كهدية، من أهم المبررات لأول تجربة للتعاطي. (سويف/ المركز القومي 1984).

إيران
"
في إيران
تبين وجود علاقة بين الإدمان والعلاقات الجنسية التي تتم خارج نطاق الحياة الزوجية

"
وبنفس منهج الاستقصاء السريع أجريت الدراسة ذاتها في جمهورية إيران الإسلامية سنة 98/1999 وتم إجراء مقابلات مع مستعملي المخدرات وأعضاء من أسرهم، وأيضا بعض الإخباريين من ذوي العلاقة. وتقف حدود هذه الدراسة من حيث عدم تمثيل العينة طبقا للأسس المنهجية وكذلك بالنسبة للمدن التي أجريت فيها الدراسة. وعلى أي حال فإن المعلومات التي أوردتها أدت إلى توضيح الصورة عن سوء استعمال المخدرات في إيران.

وتبين أن 29% من جميع الحالات التي تم اختبارها لها ماض في الحقن بالمخدرات. وبلغ متوسط العمر مستعملي الحقن 31.7 سنة، ومتوسط العمر عند بداية التعاطي بالحقن 26.3 سنة. وأفاد نصف مستعملي الحقن أنهم يحقنون بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا. وكانت غالبية الحقن تتم عن طريق الوريد. واتضح أن نصف عينة مستعملي الحقن يتشاركون في استعمال نفس إبر الحقن، بل بلغت نسبة مثل هؤلاء 70% للعينة القادمة من مارة الطريق.

وأدلى الإخباريون أن مشكلة الحقن بالمخدر منتشرة في سجون إيران رغم صرامة الإجراءات الأمنية في السجون. وأضافوا أن أسلوب الحقن بالمخدرات رغم ذلك ليس بالأسلوب المفضل بين المتعاطين في إيران ولكنه اتجاه جديد تطور سريعا في الفترة الأخيرة.

ولكن ثمة أمرا آخر أفصحت عنه الدراسة الراهنة وهو علاقة التعاطي أو الاعتماد على المخدر بالسلوك الجنسي غير المشروع فوجد أن ثلث المتزوجين من أفراد العينة لهم علاقات جنسية خارج بيت الزوجية، وكذلك الحال بين المطلقين والمنفصلين،
و70% من غير المتزوجين. ويتبين أنه بجانب الوصمات الاجتماعية والأخلاقية التي أسفرت عنها نتائج هذه الدراسة فإن الخطورة كامنة وواضحة أيضا إزاء المخاطر الصحية بعدوى مرض الإيدز بسبب المشاركة في استعمال أدوات الحقن والعلاقات الجنسية غير الشرعية.



باكستان
"
في باكستان يقدر عدد مدمني المخدرات بنحو ثلاثة ملايين نسمة،
وأثبتت دراسة أجريت عام 1999 علاقة بين الإدمان والإصابة بالإيدز وفيروس الكبد الوبائي (c).
"

يقدر عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء استعمال المواد المخدرة في باكستان بنحو ثلاثة ملايين نسمة، وتعتبر آفة شمّ الهيروين وتدخينه من أهم الأساليب التقليدية للتعاطي والإدمان. أما الآن فإن الاتجاه في ازدياد نحو الاعتماد على سوء الاستعمال بالحقن.

قد اتضحت خطورة الموقف من خلال التقرير المشترك بين UNDCP& UNAIDS عن دراسة أجريت في ديسمبر/كانون الأول 1999 بعنوان "دراسة أساسية للعلاقة بين استعمال المخدر بالحقن والعدوى بمرض الإيدز وفيروس (C) بين مستعملي المخدر بالحقن من الرجال في مدينة لاهور". وقد أجريت الدراسة خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 1999، وكشف التقرير عن ارتفاع معدلات العدوى بفيروس (C).

وترجع الدراسة هذا الارتفاع سوء استعمال المخدرات عن طريق الحقن والعلاقات الجنسية غير المشروعة.

وهناك 187 حالة من العينة البالغة 200 فرد (89%) مصابون بفيروس (c) ولم يعثر على إصابات بمرض الإيدز بين أفراد هذه العينة. وكان استعمال الإبرة المشتركة في 69% من الحالات.

ودحضت نتائج الدراسة نظرية هبوط الفعالية الجنسية بالنسبة للمعتمدين على المخدر، إذ تبين أن أكثر من نصف المبحوثين أفادوا باستمرار نشاطهم الجنسي وتكراره في السنة الأخيرة. كما أقر 48.5% بنشاطهم الجنسي في أماكن الدعارة، وقد يكون ذلك من أهم طرق انتقال العدوى لهذه الأمراض.

وفي النهاية تطرح الدراسة ما مؤداه أن التحول من عادة شمّ الهيروين أو تدخينه إلى الحقن بخليط من المواد المخدرة والمنشطة يزداد انتشاره بشكل سريع، فقد تحول 49% من الحالات التي كانت تستعمل المخدرات بالشم أو التدخين إلى أسلوب الحقن في السنة الأخيرة. وتتكوّن مواد الحقن، الخليط، من مواد مخدرة غير محظورة تباع في الصيدليات وتخلط بمواد أخرى محظورة قانونا.

وقد أيدت نتائج بحوث أخرى أجريت في مناطق مختلفة في آسيا، نماذج مستحدثة في استعمال المخدرات وأن التحول من التعاطي التقليدي للأفيون إلى طرق الحقن يعتبر من أهم العوامل المساعدة للازدياد السريع في معدلات الإصابة بمرض الإيدز بين مستعملي المخدرات عن طريق الحقن.

ويمكن بناء على ما سبق القول إن هذا التحول في طرق التعاطي في باكستان إنذار مبكر لمخاطر كبرى يمكن اتخاذ إجراءات فعالة نحوها.


تاسعاً: في الوقاية والعلاج

إن تصورات ومخططات الوقاية والعلاج لمشكلة المخدرات لا يمكن أن تجد صدى في أرجاء المعمورة ومردودا فعالا في المجتمعات المحلية إلا إذا تكافأت مع المكونات الثقافية والإمكانات الواقعية المتاحة في كل مجتمع أو دولة، وذلك بالنسبة لإجراءات الوقاية والعلاج، والوقاية في المقدمة دائما. وتتركز عوامل الوقاية في العوامل الآتية (UNDCP):

أولا: إن الاستراتيجية القومية والدولية يجب أن تتجه إلى جوهر الظاهرة وهم الناس أنفسهم بما يعنيه ذلك من مجتمعات ونظم ومؤسسات تدير شؤون حياتهم، والتي تدور حول محاور البيئة والسكان والدين والاقتصاد والسياسة والأسرة والثقافة والقانون والتقاليد والعرف والقانون والرأي العام.

ثانيا: استراتيجيات التنمية البديلة خاصة في المناطق التي يتم فيها استزراع أنواع محلية من المواد التي أدرجتها لجنة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات ومنظمة الصحة العالمية في جدول المخدرات المحظورة.

ثالثا: إن تناول المشكلة وقائيا وعلاجيا يجب أن يتلاءم مع خصائص الريف من ناحية وسمات الحضر من ناحية أخرى، وذلك من حيث التقدير والتقويم والإجراءات. ومن أجل تحقيق النجاح في كلا الجانبين فيجب وضع آليات المساندة من السياسة الاجتماعية والجنائية التي تتبناها الدولة ومن المجتمعات المحلية لهذه المناطق، والجمعيات الأهلية أو غير الحكومية (NGO,s)

"
مشكلة سوء
استعمال العقاقير المخدرة ينبغي أن تشخّص في إطار كلي شامل بالنسبة لأبعادها المتعددة وعواملها المتفاعلة. ومناهج الوقاية والعلاج ينبغي أن تتحقق في إطار منظومة التنمية المتواصلة والمتكاملة
"
ويلاحظ التشتت في عمليات الوقاية والعلاج كأن يتم التركيز على إجراءات المنع بإعمال القانون وتغليظ العقوبات فقط دون اعتبار لأبعاد ثقافية أو اجتماعية، أو التركيز على إجراءات علاجية للمدمنين دون مراعاة العوامل الاقتصادية والأسرية المشجعة على التعاطي والإدمان، بمعنى أن الحلول تفتقر إلى التنسيق بين مؤسسات الوقاية والعلاج، وأن النظرة التجزيئية لا الشاملة هي السائدة. ومن ثم فإن ما استقرت عليه الاتجاهات العلمية والعملية المعاصرة والجهود الدولية من خلال التوصيات التي تتابعت عبر المؤتمرات الدولية هو أن مشكلة سوء استعمال العقاقير المخدرة ينبغي أن تشخّص في إطار كلي شامل بالنسبة لأبعادها المتعددة وعواملها المتفاعلة، وأن مناهج الوقاية والعلاج ينبغي أن تتحقق في إطار منظومة التنمية المتواصلة والمتكاملة، إذ إن مردودها لن يقتصر على البعد الاقتصادي فقط بل سيصل إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية ومقومات القوى البشرية، ويتضمن ذلك كنتيجة حتمية انحسار حجم مشكلة المخدرات كما وكيفا.

أ- تخفيض الطلب
والأمر الذي لا مفر منه في بداية مسار الوقاية والمكافحة هو حل المعادلة الصعبة لخفض العرض والطلب في وقت واحد أو زمن متقارب بقدر الإمكان. والمنطلق النظري لهذا المسار أنه إذا امتنع الشخص عن التعاطي مهما كانت الإغراءات لحدث كساد فوري في جلب وتجارة وتوزيع المخدرات. وتسعى استراتيجيات خفض الطلب على المخدرات إلى الحد من الإقبال على تعاطيها، ومد يد العون إلى المتعاطين لكسر عادة التعاطي وتوفير الحاجة إلى العلاج من خلال برامج التأهيل والعودة إلى حظيرة المجتمع والتوافق معه.

لقد عقدت الأمم المتحدة سنة 1989 حلقة خاصة عن مشكلة المخدرات، أقرت فيها الدول الأعضاء بأن خفض الطلب على المخدرات يعتبر دعامة أساسية لحثّ الجهود الدولية نحو مكافحة التسويق والتعاطي. والتزم الأعضاء أنفسهم ببذل الجهد لتخفيض الطلب والحدّ من استجلاب المخدرات بحدود سنة 2008. والأمر يحتاج في أوله إلى إتاحة الفرص لإعداد البيانات الإحصائية لتقدير حجم ونماذج سوء استعمال المواد المخدرة على مستوى القطر والإقليم والعالم, وهذا ما بدأ به برنامج التقويم الشامل لسوء استخدام المخدرات (Global Assessment Programme on Drug Abuse GAP)