منتدي نبض السوق السعودي - عرض مشاركة واحدة - العولمة وأثرها على السلوكيات والآخلاق
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-03-2013, 06:40 PM   #2
mustathmer
مشرف عـام المنتدى
  (ابو سعد)


الصورة الرمزية mustathmer
mustathmer غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 754
 تاريخ التسجيل :  November 2012
 أخر زيارة : 30-03-2025 (09:44 AM)
 المشاركات : 144,887 [ + ]
 التقييم :  38
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: العولمة وأثرها على السلوكيات والآخلاق



«العولمة» .. مشروع حضاري أم رجس من عمل الشيطان؟

جريدة اليوم

2013/03/14 - 19:07:00



أكد علماء دين أن الإسلام باعتباره رسالة عالمية، لايتعارض مع العولمة التى لاتؤثر فى الخصوصيات، وذلك لان الاسلام كدين ودعوة عالمية هو عولمة حقيقة تؤكد على قيم التعددية و ليس تيارا فكريا أو ظاهرة وقتية، يخشى عليه من تيار العولمة الغربية. وأشاروا الى أن عالمية الاسلام تختلف من حيث الفكر والمنهج اختلافا جذريا عن العولمة التي يدعو إليها حملة المشروع الغربي.

تيار فكرى

بداية يقول الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الاوقاف المصرى الاسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالازهر:إن الاسلام باعتباره رسالة عالمية، لا يتعارض مع العولمة التى لاتؤثر فى الخصوصيات، مضيفا ان الاسلام كدين ليس تيارا فكريا أو ظاهرة وقتية حتى يخشى من التيارات الوافدة علينا من الأمم الأخرى وفى مقدمتها العولمة ، إنه دين له جذور ضاربة فى أعماق الكيان الإسلامى وأصول راسخة لاتستطيع التيارات الأخرى ان تنال منها . وتابع قائلا: العولمة واقع لا يجدى معه أسلوب الرفض، انه تيار بدأ بالمجال الاقتصادى وامتد الى المجال السياسى والاقتصادى والثقافى، وبالتالى فان العولمة تهدف الى ازالة الحواجز الزمانية والمكانية والثقافية والسياسية بين الامم والشعوب وتحاول بطرق مختلفة فرض قيم معينة وحضارة معينة هى قيم الحضارة الغربية أو قيم الاقوياء. ويؤكد الدكتور زقزوق ان العولمة تمثل بالنسبة للمسلمين دعوة مباشرة لممارسة النقد الذاتى ليعيدوا النظر فى حساباتهم ويعيدوا ترتيب البيت من الداخل. بينما يرى الدكتور جعفر عبد السلام أستاذ الدراسات العليا بجامعة الازهر والامين العام لرابطة الجامعات الاسلامية : ان العولمة تيار كاسح يريد فرض الهيمنة الثقافية للغرب على العالم كله بدون مراعاة للخصوصيات الثقافية والدينية، أما الدين الذى يتصف بانه دين عالمى، فيراعى الخصوصيات ولا يلغى التعددية

إن الاسلام باعتباره رسالة عالمية، لا يتعارض مع العولمة التى لاتؤثر فى الخصوصيات، مضيفا ان الاسلام كدين ليس تيارا فكريا أو ظاهرة وقتية حتى يخشى من التيارات الوافدة علينا من الأمم الأخرى وفى مقدمتها العولمة ، إنه دين له جذور ضاربة فى أعماق الكيان الإسلامى وأصول راسخة لاتستطيع التيارات الأخرى ان تنال منها.

عالمية الاسلام

فالإسلام يخاطب الناس جميعا ولم يرد فى الخطاب القرآنى تفضيل قوم على قوم آخرين وإنما يعتبر الناس جميعا أمة واحدة: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). ولا يقر الإسلام العنصرية أو التحيز لجنس على آخر أو تفضيل لون على لون، جاء ذكر الألوان فى الخطاب القرآنى للدلالة على قدرة الله فى الخلق: (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين) .وقال إن وصف الإسلام بانه دين عالمى لأنه يتأسس على دعائم الوحدة الإنسانية المتكاملة حيث يخاطب القرآن المجتمع البشري كله بكلمة (يا أيها الناس) وبكلمة (إنى رسول الله إليكم جميعا) ،فكرامة الإنسانية لبنة أولى فى بناء الوحدة البشرية وتوحيد الإله وتوحيد الديانات المختلفة وتعتبر عنصرا أساسيا فى مجال الوحدة الإنسانية. وتابع قائلا: إذن العالمية لا تعنى الهيمنة الاقتصادية كما لا تعنى فى الوقت نفسه أيضا الهيمنة الثقافية، وإنما تعنى التنوع وانفتاح الثقافة الخاصة على الثقافات الأخرى، وتعنى التعارف وفقاً للمبدأ القرآنى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)
اضاف ان الإسلام لا يدعو إلى الانحياز والانكماش ولا يدعو إلى السيطرة والتغلب على الحضارات والثقافات مختلفة الأشكال والصور لأنه يؤمن بالوسطية والقسط والعدل والمساواة فى جميع منافذ القانون والتشريع فى مجال الحقوق والأمن والحرية.







العولمة الثقافية

ومن جانبه يقول الدكتور عمر مختار القاضى الاستاذ فى كلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر بالقاهرة: إن العولمة كظاهرة تمثل حضارة الغرب في وجه الإسلام ، وتخشى الاتجاهات القومية بشقيها العربي والأوربي من العولمة باعتبارها ظاهرة تمثل محاولات الهيمنة الأمريكية والغربية. وأضاف ان العولمة مصطلح يراد منه تعميم قيم ومبادئ وأنماط لتصبح أنموذجا قابلا للتطبيق على الجميع، وأن يتنازل الآخرون عن خصوصياتهم لصالح هذا الجديد القادم ، ومن أخطر صور العولمة ما يمكن تسميته بالعولمة الثقافية، لأنها تدخل مباشرة في عقائد الناس ومعارفهم وتصوراتهم .
ويرى الدكتور القاضى أن العولمة الصحيحة والتى تتمثل فى عالمية الاسلام هى هدف إنساني لا غنى عنه إلا بنشره وتعميمه، ولا طريق للإنسانية أمامها إلا بالدخول فيها والانتماء إليها.


اجتياح للثقافات

ومن جانبه يؤكد الدكتور محمود الصاوى استاذ الثقافة الاسلامية بكلية الدعوة الاسلامية بجامعة الازهر:ان العولمة كما عرفت وكما يبدو من تطبيقاتها، فهى تقوم على اجتياح للثقافات الأخرى ومحوها محوا كاملا، وإذا كان لهذه الثقافات من بقاء فسيكون بقاء فلكوريا لمجرد الاستمتاع وليس لتنمية وإخصاب الذات الإنسانية. إنها سيطرة القوى الكبرى والغالبة، وهى إلى جانب السيطرة الاقتصادية والسياسية تمارس السيطرة الثقافية وتستخدم كل تنوع ثقافى فى سبيل التنكيل بالآخرين وإرهابهم لأجل استتباعهم ثقافياً.
إن العولمة بالصيغة الأمريكية التى يحاولون فرضها على العالم لا تمثل تحديا بقدر ما تمثل غزوا، فهى مشروع يتسلح بواقع الهيمنة على السياسة والاقتصاد من جهة، وبالقدرة غير المسبوقة فى توجيه الإعلام من جهة أخرى، كما أنها تتسلح أيضا بالقدرة على التشريع على المستوى الدولى.
ويضيف الدكتور الصاوى ان الاسلام يتعارض مع العولمة لان الاسلام دين عالمى فالعالمية الإسلامية التي تحيل العالم إلى قرية كونية واحدة، يتمتع الإنسان فيها بحق الاختيار، ويسود فيها البر والقسط، ويتفيأ الإنسان فيها ظلال العدل والرحمة، هذه العالمية يجب ألا تلتبس في ذهننا بالعولمة التي يدعو لها حملة المشروع الغربي، والتي تحيل العالم إلى غابة عالمية واحدة، يأكل القوي فيها الضعيف، ويزداد فيه الأغنياء غنى، والفقراء فقرا.



العولمة.. أكثر من سؤال وإجابات حائرة

ولكن ظهورها كمصطلح حديث ولها جانب إيجابي كما لها الجانب السلبي. والعولمة لعبت دوراً إيجابياً في حياة الدول والشركات الكبرى حيث جعلت تلك الدول والشركات التدخل والتحكم بثلاثة أرباع الكرة الأرضية ومن خلال السيطرة على اقتصاديات العالم حيث تتركز هذه القوة المالية بمناطق ثلاث في العالم وهي أوروبا وأمريكا واليابان حيث تبلغ 80% من أموال العالم وعلى العكس في الدول النامية والفقيرة ومن ضمنها الدول العربية قد ألقت بظلالها الثقيلة على تلك الدول وجعلت نسبة الفقر والبطالة فيها نسبة خطيرة للغاية مما دعا الكثير من الشعوب المثقفة إلى التحرك الجاد نحو مناهضة العولمة من خلال عقد مؤتمرات محلية وعالمية وظهور حركات ومنظمات تدعو العالم العربي إلى التمسك بهويته الثقافية الإسلامية والعربية وأن يعزز إيمانه بموروثه الفكري والثقافي، وفى إطار هذا الموضوع حول تأثير العولمة على واقعنا الاجتماعي والثقافي والفكري وكيف نتصدى لمساوئها؟ كان هذا التحقيق:


فرض سيطرة

فى البداية يقول الدكتور حسن عباس زكي المفكر الإسلامى ووزير الاقتصاد الأسبق: إن دول الغرب شاركت فى خلق مؤسسات مختلفة تساعد على تحقيق سياساتها، ومنها البنك الدولى وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية (الجات) ونظم المعلومات والإنترنت ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والمشروبة (الكوكاكولا) والمأكولة(الهامبورجر) والملبوسة (الجينز) وغيرها. ونتيجة ذلك كله عملياً التبادل التجاري الذى هو فى مصلحة الغرب عن طريق استيراد المواد الخام بأقل الأسعار وتصدير السلع الصناعية بأعلى الأسعار وتصدير رؤوس الأموال إلى الدول النامية التى تربطها بالغرب والتى تحصر الاستفادة بالتكنولوجيا الغربية فى الدائرة التى تريدها والتنمية المحدودة ثم فرض نظم تجارية واقتصادية ومالية تمنع أى دولة من أن تكون حرة فى اتخاذ الإجراءات التى تمكنها من زيادة نموها وصادراتها والحصول على حصتها العادلة من التجارة الدولية أى أن تجعل الدول تابعة لها .وتسمح لها بالنمو المحدود الذى يحافظ على مستوى معيشة متدنٍّ ولكن فى الحدود التى تسمح لهذه الدول بامتصاص ما تصدره إليها الدول الغربية مع تمكينها من الاستدانة منها لكى تظل تحت رحمتها .وتحجيم دور الدولة على أن يحل محلها الشركات العملاقة عابرة القارات الصناعية والتجارية والبنوك وغيرها وإجبار دول العالم النامى على أن يفتح بابه لهذه الشركات وللأفراد وذلك كله فى حدود مصلحته ولفرض سيطرته وتنظيم القنوات الاقتصادية فى الدول النامية لمصلحته.
يأتى بعد ذلك موضوع له خطورته وهو الانفتاح على العالم طبقا للعولمة من الناحية الثقافية أى ما تلعبه وسائل الإرسال والبث العملاقة فى غسل الأدمغة وتطبيع العقل الإسلامى للتفكير الغربى ..ويأتى ذلك عن طريق وسائل وسائل الإذاعة والأقمار الصناعية والصحافة والكتب والسينما وأثرها على سلوك وتفكير المواطن فى الوقت الذى سلب فيه حق الدول فى المنع أو الاختيار إلى حد كبير ولعلنا لا ننكر الإباحة والجريمة وعدم احترام قواعد السلوك العائلى والخيال الضار والذى لا يحترم القيم والمبادئ .وقد قرأت لبعض من يعلق على العولمة ويرحب بها جهلا كبيرا بحقيقتها ومنهم من يقول إن من مميزاتها التوسع فى الإطلاع على الإنتاج الثقافى للعالم وهو أمر غريب ناسياً ما يحمله هذا الإنتاج من سموم .ولكن المهم هنا لا أن نحارب العولمة فهذا ما ليس بيدنا ولكن علينا أن نحمى أنفسنا منها بالاتفاق والاقتناع بضرورة أن نقف يداً واحدة واتخاذ إجراءات تحمينا منها فبالنسبة للناحية الثقافية علينا أن نحمى شبابنا ونقوّى عقيدته وسلوكه وأن نبث فيه الحصانة والمناعة التى تحول دون أن يقع فى براثن هذا الإخطبوط الخطير الذى هو ضد ديننا وأخلاقنا وسلوكنا ولدينا فى ذلك كل الوسائل بدءاً من الأسرة والمدرسة والصحافة والتليفزيون وحسن اختيار ما يبثّه والراديو والسينما.


رياح العولمة

وأضاف :العولمة نظام أبعاده تتجاوز التجارة والمال والصناعة وهو نظام يشمل التسويق والتكنولوجيا والمعلومات كما يشمل الثقافة والفكر بل والتقاليد والعادات وليس لأحد سلطة فى بلده عن منع هذه التيارات أن تؤثر فى حياته . وذلك كله بمعزل عن حقيقة ندركها كلنا ولكننا نتجاهلها وهى أن مليارات من البشر يعيشون بلا كهرباء ومعظمهم تحت خط الفقر .وهكذا نجد أن العولمة جنسيتها دولة واحدة ولذلك يجب على الكتاب أن ينادوا بعدم فتح الأبواب على مصراعيها أمام رياح العولمة قبل أن نحمي أنفسنا منها ولا نأخذ منها ما لدينا منه فى أمور ديننا وثقافتنا.


بلاد العالم

وأشار الدكتور صابر عبد الدايم يونس عميد كلية اللغة العربية جامعة الأزهر إلى أن تيار العولمة نشأ منذ أكثر من 20 عاماً ويشمل كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ولكن هذا التيار انخدع به كثير من المفكرين والمثقفين فى بداية ظهوره وتبنّوا الدعوة إلى تطبيقه إلى كل بلاد العالم ولكن سرعان ما اكتشفوا أن هذا التيار يمثل هيمنة الأقوى اقتصاديا وسياسيا وفكريا على الضعفاء بمعنى أن دول أمريكا بالذات كانت تدعو إلى ثقافة واحدة ومعايير واحدة وتكون هى المتحكمة فيها وبالتالى تتحكم فى السياسة العالمية ومن هنا ندرج أن العولمة تيار نشأ لهيمنة الدول العظمى على دول العالم الثالث .لكن المنطق الإنسانى أن التبادل التجارى والعلمى والحوار بين الثقافات يجب أن يسود وأن لكل أمة حضارتها وهويتها الثقافية .لذلك نجد تيار العولمة له إرهاصات كثيرة ووجود طغيان المسلسلات الأجنبية فى العالم وانتشار الوجبات الغذائية من خلال شركات عالمية فى الغذاء ثم تسربت إلى أشياء كثيرة فى مجالات الحياة المختلفة . وما حدث بالنسبة لثورات الربيع العربى كان جزء منه من آثار نتاج هذه العولمة حيث أثرت امريكا فى ثورات الشعوب ولكل شعب ثورته وله رؤيته والحرية لا تُشترى بالدولارات وبالذمم ولا تمنح من أحد واستقلال الشعوب هو معيار كرامتها والعامل المشترك فى العولمة هو التقدم العلمى. ويجب على مصر والعرب أن يأخذوا بسلاح العلم وأن يرصدوا أكبر ميزانية فى الدولة وخاصة فى الفيزياء والكيمياء والهندسة وهذا يأتى بالتقدم العلمى .

إن تيار العولمة نشأ منذ أكثر من 20 عاماً ويشمل كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ولكن هذا التيار انخدع به كثير من المفكرين والمثقفين فى بداية ظهوره وتبنّوا الدعوة إلى تطبيقه إلى كل بلاد العالم ولكن سرعان ما اكتشفوا أن هذا التيار يمثل هيمنة الأقوى اقتصاديا وسياسيا وفكريا على الضعفاء

نموذج عولمي

ويقول الدكتور عبد العزيز عبد الله حماد رئيس منظمة الشعوب والبرلمانات العربية: كانت أهم مساعي العولمة نحو تأكيد هويتها وترسيخ مفهومها .. والتي لا يتم لها ذلك إلا من خلال استراتيجية أساسية ومحورية قد تبناه الفكر العولمي ألا وهو محو الخصوصيات الثقافية والفكرية والأيديولوجيات لكل البلاد التي تقع على هامش العولمة أو تلك البلدان التي تسمى بدول العالم الثالث والتي هي في موقع التابع .. ولتكون لها التبعية الكاملة والشاملة .. كان لا بد من خلق نموذج عولمي والعمل على دفع الدول إلى الاحتذاء به ..
واستطاع إعلام العولمة أن يكفل محيطاً ثقافياً واسعاً ونظرة أشمل على العالم وعمقاً في الاتصال الإنساني .. فاستقطب بذلك الملايين عبر رسائله المبسطة وبخاصة التليفزيون .. أمراً شكل حافزاً للشعوب لكي تضغط من أجل التغيير . . وبالطبع لا يغفل ما لإعلام العولمة من أهداف ضمنية تسعى لتحقيق أهداف العولمة والهيمنة الاقتصادية العالمية ..


المعادلة الصعبة

وأوضح الدكتور رفعت عزوز (أستاذ أصول التربية المشارك بكلية التربية العريش جامعة قناة السويس) أنه في عصر العولمة أصبح العالم أشبه بقرية صغيرة وأصبحت الدول النامية تواجه اشكالية التعايش والتفاعل والتواصل مع هذا العالم المتغير، من خلال تعليم وتأهيل الانسان القادر على التفاعل الايجابي والتعامل الواعي مع هذه التطورات ومحاولة تحقيق المعادلة الصعبة التي تقتضي التعامل مع تحديات العولمة، وفي الوقت نفسه المحافظة على الهوية الثقافية لهذه المجتمعات والانتماء لها.
فمن الملاحظ أن العولمة تسهم في زيادة التباعد والتفاوت الاجتماعي والطبقي والتعليمي والمعرفي بين الناس، كما أن الآثار الاقتصادية المصاحبة للعولمة قد تدفع الحكومات في العالم الثالث إلى خصخصة بعض مؤسسات التعليمية كالإعلام والتعليم أو على الأقل بعض المدارس والجامعات، وبالتالي تحجيم الرؤى التربوية، وفوق كل شيء تحديد رؤية الأهداف التربوية، ومثل هذه التحولات اضافة إلى انفجار ثورة الاعلام والمعلومات والتدفق الحر للأخبار والمعلومات ، سيؤدي إلى اضعاف كل القيم الاجتماعية التى تربت عليها الأجيال القديمة والتي كانت ومازالت شيئاً عظيماً نفخر به ونربى عليه أبناءنا .فعلى سبيل المثال لا الحصر : بات الطفل العربي يقضى ثلاث ساعات يقظته ممارسا للتقنيات الحديثة التى كانت بالأمس القريب رغم قلتها رافدا مهما للثقافة والتعليم ، وتحولت من شيء ايجابي يضيف لنا إلى شيء سلبي يؤثر علينا من النواحي الاجتماعية ويوسع الفجوة بين الأبناء والآباء مما ينتج عنه نوع من الازدواجية والتناقص بين واقعهم المعاش وبين الواقع المتخيل أو المنقول لهم فيحدث ما نراه اليوم من تباعد أسرى وعلاقات متنافرة متباعدة أصابت الأسرة العربية فى مقتل .والسؤال المطروح: لماذا نحن سريعون فى التأثر بكل ما هو جديد ؟ أما آن الأوان للتأني وإعمال العقل؟ .


العلوم الإنسانية

وأوضح المفكر الدكتور يوسف سلامة: مفهوم العولمة من حيث هو بناء منطقي لا يمكن لنا التعرف على الأشياء دون اللجوء إلى هذا المفهوم.. وذلك أمر لن يتغير على الأرجح.. ومن هذه الناحية لا بد أن يكون لكل شيء هوية.. ولا بد لكل شيء أن يكون متسماً بمجموعة أمور من الصفات والخصائص والمزايا التي تؤلف في مجموعها ذاتية خاصة.. بهذا الشيء تميزه في النهاية وتعزله وتخصصه عن كل ما سواه في العالم.. فيكون من هذه الناحية مساوياً لذاته دوماً.. فمن الناحية العلمية والمنطقية لا يمكن الاستغناء عن المفهوم.. ولا حتى في العلوم الاجتماعية والإنسانية.


الثقافة العربية

وقال الدكتور فؤاد خير :يخطئ من يتصور أن أزمة الثقافة العربية وأزمة المثقف العربي كامنة في البناء المعرفي في ذاته.. ويتوهم ذلك الذي يدعو – منطلقاً من المقولة السابقة – إلى ضرورة إجراء تعديلات في البناء الثقافي أو في تطوير عناصره الداخلية.. كما أنه من الخطأ أن نتخيل أن أسباب تخلف الثقافة العربية كونها بعيدة عن ممارسة (الاحتكاك الثقافي) بالثقافات الغربية المتقدمة.. فمع إيماننا بأن هذه الوسائل من شأنها الحد من الأزمة.. إلا أنها تمثل تأجيل الأزمة وليس القضاء عليها.. ولظاهرة العولمة الأثر الكبير في كل ميادين الحياة العامة ولكن يصب جل اهتمامها في (( عولمة السياسات الوطنية وصنع السياسات العامة )) فجميع السياسات الوطنية -الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقنية . هي سياسات عادة تكون تحت سيطرة وسلطة الدولة داخل اطار البلد الواحد .
والعولمة لا تستثني مجالا من مجالات الحياة إطلاقاً و"العولمة "على المستوى الثقافي فهي تعني تعميم أنماط الثقافة الغربية عامة والأمريكية خاصة من خلال توسيع نطاق انتشارها بطرق حضارية جديدة تخضع لمعطيات التكنولوجية المعلوماتية بحيث ترتبط أطراف العالم بالثقافة الغالبة والمهيمنة على العالم ، من خلال السطوة الاعلامية المتمثلة في وسائل الاعلام المتطورة المنظورة والمقروءة والمسموعة . وستشكل انطلاقة جديدة من خلال نشر ثقافة عالمية واحدة تخترق الثقافات المختلفة بحيث تحولها إلى توابع تسبح في مدار هذه الثقافة العالمية الجديدة .


قرية صغيرة

وقال زين العابدين المخزومى ويعمل (معلم الفقه وأصوله بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت) :لعل العولمة -كمفهوم- أكثر مفهوم أثر على حاضرنا من حيث واقعنا الاجتماعي والثقافي والعلمي والفكري. فما كان صعباً في السابق صار اليوم أسهل وأيسر وما كان بعيداً بالأمس صار اليوم أقرب.والعولمة كعولمة ليست مشكلة بحد ذاتها، لكنها مشكلة مع من يلامسها بيده، فلذلك يتصادم كثير من الناس مع العولمة للأثر السلبي الذي أوقعته في بعض نواحي حياة الناس ولهذا هم يعارضونها. لكن لو نظرنا لها من جوانب سليمة مشرقة لعلمنا أنها ليست إلا سبباً في تقارب الزمان والمكان بين البشر فما كان بالأمس عالماً كبيراً واسعاً في مخيلتنا، صار اليوم قرية صغيرة يتشارك فيها الجميع.


 


رد مع اقتباس