عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-2015, 12:18 AM   #56
wleed
مشرف نبض الأسهم و رئيس قسم التحليل الفني والمالي
** أبوفهد **


الصورة الرمزية wleed
wleed غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5813
 تاريخ التسجيل :  November 2013
 أخر زيارة : 05-07-2025 (12:49 AM)
 المشاركات : 42,628 [ + ]
 التقييم :  27
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkred
افتراضي رد: البورصات العربية تغلق على انخفاض بفعل أزمة اليونان



استفتاء لحسم المستقبل
اليونان: ماذا يعني الخروج أو البقاء في منطقة اليورو؟

دخلت "الحالة" اليونانية المنعرج الأخير، قبل الاستفتاء المقرر يوم الأحد، لـ"حسم" مصير البلاد ضمن مجموعة اليورو، وبعد ذلك انتماءها للاتحاد الأوروبي نفسه، وفق السيناريوهات الأكثر تشاؤماً، والتي ينتهي فيها التشخيص بتعرض أوروبا ومعها باقي الاقتصاديات القوية في الغرب والدول الناشئة إلى صدمة متفاوتة الخطورة على امتداد السنوات الثلاث أو الخمس القادمة.

لكن ورغم أهمية الاستفتاء الذي تحتضنه أثينا، وموافقة اليونانيين على الاستمرار في الإصلاحات القاسية التي تطلبها مجموعة الدائنين والمقرضين ممثلة في صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، أو رفضها، وبالتالي إلغاء برنامج المساعدات الاقتصادية والمساعدات المالية الذي سمح لليونان بتفادي الإفلاس أو على الأقل تأجيله منذ 2011.

ورغم مسارعته بالدعوة للاستفاء، يُدرك رئيس الحكومة اليوناني الشاب، الكسي تسيبراس الشيوعي المُعادي بالضرورة لما يمثله الاتحاد الأوروبي في شكله الحالي، ولليورو نفسه ولما يُجسمه من قوة مال وتسلط، أن الخلاص الحقيقي الوحيد لحكومته من السقوط، ولليونان من الانهيار، هو فوز المؤيدين للاستفتاء، حتى يُمكنه مناقشة التنازلات المؤلمة التي سيتحتم تقديمها لتأجيل إشهار الإفلاس، مدعوماً بنتيجة الاستفتاء، ذلك أن اليونان التي لا تمثل ثقلاً اقتصادياً أو صناعياً أو مالياً طبعاً في أوروبا، لن يمكنها التأثير في الأحداث ومجرياتها على الساحة الأوروبية بشكل كبير أو سلبي كما يتوهم بعض المحللين في أثينا وخارجها، بالحديث عن أزمة مالية كبرى أوروبية ودولية إذا خرجت اليونان من منطقة اليورو.

استفتاء الفرصة الأخيرة
وسيكون أمام تسيبراس، الذي يُناور داخلياً وأوروبياً للحصول على شروط تفاوض أفضل، أن يشكر معارضيه إذا فازوا بنتيجة الاستفتاء، ذلك أن البنوك اليونانية المغلقة حتى الإثنين، لن تستطيع إذا فتحت أبوابها بعد يومين، تأمين ما يكفي من سيولة نقدية لليونانيين الذي سيتدفقون في اتجاه البنوك لسحب ما يمكن سحبه، فإذا كانت نتيجة الاستفتاء سلبية، فإن هذه البنوك لن تتمكن من توفير الشروط الدنيا للعمل، إذا لم يُسارع المركزي الأوروبي برفع سقف تمويله اليومي، لتلبية طلبات الساحبين من زبائنها العاديين ولا حتى تمويل الاقتصاد اليوناني نفسه، ما يعني إفلاساً عملياً وواقعياً وخروجاً من منطقة اليورو.

أما إذا فاز المعسكر المؤيد للإصلاحات، أو "الشروط التعجيزية" كما تقول الدعاية الحكومية فإن ذلك سيكون بمثابة الضوء الأخضر للاستثمار في هذا الدعم الشعبي، لرفع وتيرة الإصلاحات والتصدي للمحاور الحساسة التي تجنبت اليونان التعرض لها طويلاً مثل المعاشات والضرائب وضريبة القيمة المضافة، التي تشكل مطالب الجهات المقرضة الثابتة والدائمة، قبل النظر في أي برنامج مساعدات جديد.

الأكثر سوءاً
ولكن إذا تحقق السيناريو الأكثر سوءاً وخرجت اليونان من منطقة اليورو، وبعد ذلك من الاتحاد الأوروبي نفسه، بعد عودتها إلى الدراخما العملية الوطنية السابقة وإلى الأطر الاقتصادية والتشريعات والترتيبات التي تخص الدراخما لا اليورو، فإن المتضرر الأول سيكون طبعا اليونان نفسها، مادياً واقتصادياً وسياسياً أيضاً.

أما الاتحاد الأوروبي، فسيكون عليه تقبل العيش مع فكرة الفشل والتصدع الكبير، في حين ستظهر مؤسساته المالية والاقتصادية مثل المفوضية والبنك المركزي وصندوق ضمان القروض وغيره ومعها صندوق النقد الدولي مثل العقبان التي انقضت على الشعب اليوناني الضعيف لتنهش ما أمكنها من لحمه وعظمه، كما سيكون على هذه المؤسسات تقبل فكرة احتراق ديون بلغت حسب التقديرات 240 مليار يورو، بعد فشل المفاوضات والاستفتاء، ولكن هذا المبلغ لا يعد مبلغاً يُذكر في ميزانيات الدول الكبرى ذات الشأن مثل ألمانيا وفرنسا أو بريطانيا، وهي جميعاً الدول التي يُمكن لزعمائها اليوم في إطار الاستعداد للمواعيد الانتخابية القريبة، التأكيد أنهم رفضوا الاستمرار في إنقاذ اليونان من جيوب وضرائب مواطنيهم.

الخطر ليس يونانياً
وإذا كانت أثينا لا تزن شيئاً تقريباً في ميزان القوة والاقتصاد الأوروبي، فإن التخوف من خروجها من منطقة اليورو، أو ما يُعرف بسيناريو "Grexit" وحرص العواصم الأوروبية على تجنبه، لا يعود لبعده الاقتصادي أو المالي، بل لرمزيته السياسية، فالاتحاد الأوروبي الذي قام على فكرة رفض العودة إلى الوراء، لا يمكنه الاستمرار مشروعاً سياسياً ناجحاً إذا بدأت الدول الصغيرة مثل اليونان في مغادرته رغم كل ما بذل من تضحيات وجهود لتسهيل انضمامها إليه، خاصة إذا دفعت نفس المشاكل في المستقبل القريب دولاً متعثرة وإن كان بدرجات أقل، مثل إيطاليا أوايرلندا أو حتى البرتغال وقبرص إلى السير نحو باب الخروج، وعودة عملاتها الوطنية السابقة ونظمها الاقتصادية، ما يجعل عملياً أوروبا مقسمة بين دول شمال غنية في الاتحاد الأوروبي، وأخرى فقيرة يجمعها "نادي المتعثرين" على هامش أوروبا، ومع فقدان الأمل في العودة إليه مجدداً.

عدوى
إن انتشار العدوى في اقتصاديات أخرى، هو الكابوس الحقيقي الذي يهدد الاتحاد الأوروبي، وليس خروج اليونان، ذلك أنه في الحالتين، سيكون على أوروبا التعامل مع الخروج اليوناني بطريقة أفضل، إذ سيكلفها أقل بكثير مما لو بقيت داخل الاتحاد، وفي كل الأحوال فإن الخروج سيعني فشل المشروع السياسي الأوروبي، ولكن أيضاً عودة الروح إلى الطروحات اليمينية الوطنية، وخاصة اليمين المتطرف الذي حقق صعوداً كبيراً في السنوات الأخيرة على حساب أوروبا واليورو والاتحاد، وسيحلق عالياً أكثر في استطلاعات الرأي أو في الانتخابات والاستحقاقات السياسية القادمة في عدد من الدول الأوروبية، إذا انهارت اليونان واضطرت للخروج من الاتحاد.

وستكون مفارقة غريبة أن تمضي أوروبا في اتجاه مستقبل جديد، بعيداً عن اليونان وعن "أثينا" آلهة الحكمة القديمة، وأن تكون اليونان التي اخترعت أوروبا محرومة منها ومن سحرها الميثولوجي القديم.


 


رد مع اقتباس