02-07-2015, 10:59 AM
|
#31
|
مشرف نبض الأسهم و رئيس قسم التحليل الفني والمالي
** أبوفهد **
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 5813
|
تاريخ التسجيل : November 2013
|
أخر زيارة : 05-07-2025 (12:45 AM)
|
المشاركات :
42,628 [
+
] |
التقييم : 27
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Darkred
|
|
رد: البورصات العربية تغلق على انخفاض بفعل أزمة اليونان
كيف تحول اليورو لسلاح دمار شامل
ذات يوم، كان لدى أوروبا حلم، وهو أن تربط بين كل دولة وجارتها في ظل منظومة اقتصادية مشتركة، وبالتالي تنهي قرونًا من مساعي الدول لتدمير بعضها البعض بشتى أنواع الأسلحة.
بيد أنه بدلاً من أن يتحقق ذلك، قدمت الدول الأوروبية لنفسها سلاحًا جديدًا لاستخدامه ضد بعضها البعض: الديون.
لقد بدت التجربة الأوروبية النبيلة واعدة. وتؤكد نظرية «السلام الرأسمالي» - التي يمكن اقتفاء جذورها لكل من كانت ومنتيسيكيو - على أن التجارة تمثل حائط صد ضد الحرب، وأن التجارة بمقدورها إضفاء صبغة إنسانية على البشر المتوحشين القابعين فيما وراء الحدود.
وعليه، فإن هذا الرأي يرى في تعزيز الروابط التجارية بين ألمانيا وفرنسا واليونان وأكثر من 10 دول أخرى لطالما عادت بعضها البعض فيما مضى، السبيل الأمثل لتحقيق سلام دائم بينها.
وجاء التفكير في إقرار عملة اليورو كعملة موحدة بين الدول الأوروبية كوسيلة لتيسير تدفق السلع والخدمات والأفراد ورؤوس الأموال عبر الحدود، وبالتالي خلق رابطة بين دول متباينة من خلال الفوائد المشتركة للتجارة. إلا أنه للأسف لم يتحقق ذلك بسبب المشهد الثقافي والتنظيمي الأوروبي الممزق. وسبق أن شرح ميلتون فريدمان، وكذلك عدد ممن سبق أن تنبئوا بهذه النتيجة ولم يصدقهم أحد، السبب وراء هذا الإخفاق في مقال كتبه منذ قرابة عقدين. وتناول خلال المقال، أفضل الظروف «الولايات المتحدة» وأسوأها «أوروبا» لخلق عملة موحدة. وأوضح أنه في أوروبا التي تتسم باختلاف اللغة والعادات والأنظمة التنظيمية والسياسات النقدية، من شأن إقرار عملة مشتركة إفراز نتائج كارثية.
وقال فريدمان إنه «بدلاً من تعزيز الوحدة السياسية، فإن إقرار اليورو سيخلف تأثيرا عكسيًا، ذلك أنه سيؤدي إلى تفاقم التوترات السياسية من خلال تحويل صدمات كان يمكن استيعابها بسهولة عبر تعديل معدلات الصرف، إلى قضايا سياسية مثيرة للانقسام».
والآن، تبدو آراء فريدمان منطوية على بصيرة واعية، رغم أن هذا لم يكن الحال بادئ الأمر. عندما أقرت اليونان اليورو عام 2001، استفادت بصورة كبرى من ذلك لأنه فجأة أصبح بإمكانها الاقتراض بدرجة أكبر بكثير مما سُمح لها به من قبل. إلا أن هذا الاقتراض المفرط تركها في حالة فقر معدم عندما جفت الاعتمادات واختفى الطلاب جراء الأزمة المالية. وبفضل العملة المشتركة، لم يعد لدى اليونان الأداة - خفض قيمة العملة - التي تمكنها من التخفيف من وطأة الديون وتمهيد الطريق نحو الخروج من حالة الركود المتعمقة. بدلاً من ذلك، أصر جيرانها من دول اليورو - خاصة ألمانيا، القائد الفعلي لهذه الدول - على الإبقاء على مستوى التضخم في العملة المشتركة عند مستوى مفرط في الانخفاض، وهو عكس ما تحتاجه اليونان تمامًا.
علاوة على ذلك، أصرت الدول الأخرى الأعضاء في اليورو على إقرار اليونان إجراءات تقشفية قاسية مقابل عملية الإقراض الطارئة التي تحتاجها لتجنب الوقوع في هوة العجز عن سداد الديون والكساد. ورغم أن هذا الطلب تم طرحه في إطار الحب الأسري الذي يدفع أفراد العائلة لإبداء الشدة تجاه أحد أعضائها، لكنه أدى فعليًا على أية حال إلى دفع اليونان نحو العجز عن سداد الديون والكساد، لكن عبر طريق مختلف.
ومثلما توقع فريدمان، فإن مساعي أوروبا نحو خلق تناغم سياسي عبر الوحدة الاقتصادية لم تثمر أي منهما. وفي السنوات الأخيرة، وتبعًا لما كشفته استطلاعات «يوروباروميتر» التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن الأوروبيين، خاصة داخل الدول التي تمر بأزمات، أصبحوا أقل احتمالاً بكثير لأن يعربوا عن شعورهم بالانتماء إلى أوروبا.
ومن يمكنه لومهم على ذلك؟ رغم أن القارة لم تشهد سوى القليل من الصراعات العنيفة منذ إقرار العملة الموحدة، فإنه على ما يبدو تحول تاريخ الدول الأوروبية من العداء المتبادل إلى سياسات اقتصادية عقابية تسببت بنوع مختلف من المعاناة. وبفضل الخطط التقشفية التي فرضها الدائنون، فإن ربع عمال اليونان ليس بإمكانهم إيجاد وظائف، وانكمش الاقتصاد بنسبة 25 في المائة منذ عام 2010، ولم تقترب البلاد قيد أنملة من التمكن من سداد ديونها.
وبلغت الأمور ذروتها خلال الأيام القليلة الماضية، مع إقرار قيود على رأس المال واستفتاء يضر بالبلاد أكثر مما ينفعها، وإعلان أن اليونان لن تتمكن من سداد 1.6 مليار يورو مستحقة لصندوق النقد الدولي، الثلاثاء. ويبدو من المحتوم عجز البلاد عن تسديد مبالغ أخرى مستحقة خلال الأسابيع القليلة القادمة.
جدير بالذكر أن «سيريزا»، حزب أقصى اليسار الذي يقود البلاد الآن، تمكن من تحقيق نجاح هائل في الانتخابات، الشتاء الماضي، من خلال شكواه بأن دائني اليونان يستغلون الديون كهراوة لسلب سيادة اليونان. الآن، قد ترغب القيادة اليونانية فقط في إثبات قدرتها هي الأخرى على استغلال أسلحة الدمار الشامل الاقتصادية ببراعة - عبر نسف منطقة اليورو.
|
|
|