mustathmer
08-07-2017, 10:14 PM
أ - أساليب التخصيص :
هي مجموعة من الأدوات التي يتم اتباعها لغرض تخصيص المؤسسات والمشاريع والخدمات العامة مع الأخذ في الاعتبار المفهوم الواسع لعملية التخصيص. وتتدرج تلك الأساليب مابين نقل الملكية إلى الإدارة والتشغيل ، والتأجير ، والتمويل أو البيع عن طريق الاكتتاب العام أو البيع لمستثمر رئيسي ، ولكل من تلك الأساليب آثاره وضوابطه وعوامل نجاحه أو فشله ، وفي الغالب يتم تطبيق أكثر من أسلوب واحد لتنفيذ الأهداف الموضوعة. وعليه فمن المهم اختيار أسلوب التخصيص بناء على الأهداف المحددة باعتبارها الأهداف الرئيسية المرغوب في تحقيقها من جراء عملية التخصيص ، وتشمل أساليب التخصيص الآتي :
1- عقود الإدارة :
يتم في هذا الأسلوب تحويل مسؤولية الإدارة والتشغيل والتطوير للمتعاقد أو المستثمر من القطاع الخاص لفترة زمنية ومبلغ مالي يتفق عليهما . وعادة ما يتبع هذا الأسلوب في الأحوال التي تتطلب خبرات متخصصة على مستوى عالٍ في الإدارة والتشغيل والتسويق ، وكذلك عندما يكون الاستثمار الحكومي في أصول المشروع كبيراً وتفضل الحكومة الاحتفاظ به عوضاً عن بيعه، أي انه لايتم نقل ملكية الأصول للقطاع الخاص. وعلى الرغم من اضطلاع المقاول بمهمات الرقابة والإشراف اليومي على التشغيل إلا أنه لا يتحمل المخاطر التجارية (خسائر التشغيل) في حالة حدوثها، وإنما يتحملها المالك (الدولة). كما أن من سلبيات هذا الأسلوب إمكانية إساءة المقاول استخدام أصول المشروع ، لأن غالبية عقود الإدارة تتضمن دفع مبلغ محدد للمقاول مقابل خدمات محددة بصرف النظر عن الربحية ، مما لا يمثل حافزاً كافياً له للمحافظة على الأصول ولتحسين الأداء .
2- عقـود التأجيـر:
تمثل عقود التأجير اتفاقيات بين الدولة والقطاع الخاص بمقتضاها يقوم الثاني بتزويد المنشأة الحكومية بالخبرات الإدارية والفنية لمدة زمنية محددة مقابل تعويضات مالية متفق عليها. ويقوم المستثمر من القطاع الخاص باستئجار الأصول أو التسهيلات المملوكة للدولة واستخدامها ، ومن خلال هذا العقد ، يتم تحديد مقابل الاستئجار الذي يدفعه للدولة ، ومسؤوليات كل طرف منهما تجاه الآخر .
والظاهرة المميزة لعقود التأجير ، أن المستثمر يتحمل كامل المخاطر التجارية الناشئة عن تشغيل هذه الأصول ، وبالتالي يكون لديه حافزاً لتقليل النفقات والمحافظة على الموجودات، وعلاوة على ذلك يكون ملتزماً بصيانة وإصلاح الأصول التي يستخدمها ، أو أن يساهم في كلفة ذلك طبقاً لجدول زمني يتفق عليه ، حيث يرتبط مقابل الإيجار الذي يدفعه القطاع الخاص عادة بحالة الموجودات والدخل المتوقع من استغلالها .
وفي مثل هذه العقود ، يقوم المستثمر بتعيين الأفراد الذين يعملون معه ، بما في ذلك الأفراد الحاليين في المنشأة الحكومية وفق مايتم الاتفاق عليه في عقد الإيجار.
3- عقود التمويل :
تمثل عقود التمويل درجة أكثر تقدماً للتخصيص من الأساليب السابقة، حيث يتحمل المستثمر مسؤولية تدبير النفقات الرأسمالية والتشغيلية والاستثمارية (بعكس المستأجر). ويعتبر هذا الأسلوب أفضل بصفة عامة مقارنة بعقود التأجير، إلا أن تنفيذه يعتبر أكثر تعقيداً نظراً لضخامة حجم تمويل التزامات التوسعات. وتشمل هذه العقود عدداً من الأشكال مثل :
تأجير - بناء - تشغيل (LBO) ، بناء - تحويل - (تشغيل) (BTO, BT) ، بناء- (تملك) - تشغيل - تحويل (BOOT-BOT) ، شراء - بناء - تشغيل (BBO) ، بناء - تملك - تشغيل (BOO) (ملحق) .
وفي حالة إتباع أحد أساليب عقود التمويل كأحد الخيارات فيجب أن تتم وفقاً لما يلي :
1- ضرورة توفير الإطار التنظيمي والقانوني المناسب الذي يكفل حقوق جميع الأطراف (الممول، الدولة ، المستهلك) .
2- أن يطرح المشروع في منافسة عامة يدعى إليها المؤهلون في المنشآت المتخصصة سواء من داخل المملكة ، أو من داخلها وخارجها .
3- أن لاتقدم الحكومة أي ضمانات مالية للمشروع (Sovereign Guarantees) إلا عند الضرورة القصوى .
4- عقود البيع :
أ - البيع مباشرة للقطاع الخاص عن طريق الاكتتاب العام:
يلائم هـذا الأسلوب المنشآت التي تتميز بالاستقرار والاستمرارية في النشاط وذات المركز المالي السليم والجدوى التجارية ، أو التي يمكن أن تكون ذات جـدوى تجارية في المدى القصير، ويتم بيعها أو بعضاً من أسهمها إلى القطاع الخاص من خلال طرح الأسهم للاكتتاب العام . كما يلائم هذا الأسلوب المؤسسات والمشاريع العامة الكبيرة ، بحيث يتم تحويلها إلى منشأة حسب خطـوات التحويل المتعارف عليها، كتصميم الإطار القانوني العام المحدد لأغراض المشروع ، وفصل أنواع النشاط غير التجارية ، وتعديل أنظمة التعرفة ، وتحويل الموجودات والالتزامات بعد التأكد من نظاميتها للمنشأة، ووضع النظام الأساسي والنظام المحاسبي وأسس استيعاب الموظفين . ويتطلب نجاح هذا الأسلوب توفر عدة عوامل منها :
* أن يتوفر قدر كبير من المعلومات المالية والإدارية عن عمليات المنشأة .
* توفر قدر معقول من السيولة النقدية .
* وجود سوق مالية نشطة .
وهذا يسمح بتوسيع قاعدة الملكية وجذب مزيد من الاستثمارات التي تؤدي إلى تنشيط سوق الأسهم من خلال فتح المجال لمستثمرين من ذوي القدرة المالية المحدودة. كما أن متطلبات هذا الأسلوب تتركز في إجراءات الطرح والاكتتاب بما في ذلك التوقيت المناسب لعملية الطرح ، والحاجة إلى توفر إطار تنظيمي وتسويقي على مستوى جيد مع وجود سوق مالية متطورة .
ب- البيع إلى مستثمر رئيسي :
تقوم الدولة ببيع المنشأة إلى مستثمر رئيسي يكون قادراً على توفير التمويل اللازم، والكفاءة الإدارية والتقنية اللازمتين لتطوير الإنتاج والتسويق. ويتميز هذا الأسلوب بأنه يعمل على توفير التمويل اللازم مباشرة ، وتوفير القدرات المالية والإدارية ، والأخذ بأسباب التطور التقني والإداري ، بالإضافة إلى توفير خبرات جديدة وأساليب إنتاجية وإدارية متطورة . وفي اغلب الحالات يكون المستثمر الرئيسي هو منشأة أو مشغل عالمي ذو خبرة طويلة في مجاله . أما سلبيات هذا الأسلوب فهي منع صغار المستثمرين من فرصة الاستثمار ، وعدم توسيع قاعدة الملكية ، واحتمال زيادة المشاكل المرتبطة بالعمالة .
إضافة إلى الأساليب السابقة ، يوجد عدد من الآليات والأدوات الأخرى كطرح المنشأة للبيع للعاملين فيها ، أو تخصيص جزء من أسهم المنشأة للعاملين بقيمتها السوقية. وعادة ما تتبع هذه الأساليب في تخصيص المنشآت ذات الربحية أو الإنتاجية المنخفضة لغرض تحفيز العاملين على تطوير أداء المنشأة، أو اتباع آلية مقايضة الديون في المنشآت المدينة من خلال تقويم الديون وتحويلها إلى أسهم لصالح الدائنين .
ب - ضوابط عملية تخصيص المؤسسات والمشاريع العامة :
المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها في تنفيذ عملية التخصيص هي :
1- الإفصاح والوضوح.
2- سرعة التنفيذ.
3- تغيير نمط الإدارة.
1- الإفصاح والوضوح :
لضمان تحقيق الإفصاح وكفاءة عملية التخصيص يمكن توجيه برنامج التخصيص وفق الآتي :
تنفيذ جميع العمليات بطريقـة واضحـة ومعلنة ومتسقة مع المعايير التجارية المتعارف عليها ، ومالم تكن هناك حقوق قانونية في حالة المشروعات المشتركة ، فلن يتم إجراء بيع مباشر أو مفاوضات مسبقة وفق اتفاقية خاصة إلا بعد الحصول على عروض بموجب مناقصات عامة . وقبل وأثناء استكمال البيع يجب أن يكون الجمهور على علم بجميع جوانب العملية كلما أمكن ذلك من خلال :
* إعداد مذكرة عرض والإعلان عنها بالنسبة لكل مشروع معروض للبيع.
* نشر معلومات متكاملة عن الجوانب المالية والإدارية وغيرها لتكون في متناول المستثمرين.
* إعداد ونشر معايير تصنيف العروض.
* فتح العروض بصورة علنية.
* نشر تقويم الموجودات وتفاصيل العروض.
* نشر أسماء المستثمرين والأسعار المدفوعة وشروط البيع بعد استكمال البيع .
2- سرعة التنفيذ :
تعد سرعة التنفيذ في غاية الأهمية لنجاح عملية التخصيص ، ويجب تحديد جدول زمني واقعي لكل مرحلة من مراحل عملية التخصيص ، حيث أن العمليات التي تسير ببطء تكون أكثر عرضة للفشل .
3- تغيير نمط الإدارة:
يعتبر إجراء تغيير فاعل في نمط الإدارة وأسلوبها هدفاً أساسياً لكل عملية تخصيص، فبدون إجراء مثل هذا التغيير لن يتم تحقيق الفوائد المرجوة من التخصيص. ولايعني ذلك بالضرورة استبدال المديرين الحاليين ، وإنما تفعيل الأداء وتطبيق أسلوب إدارة القطاع الخاص .
ج - الخطوات الأساسية لعملية تخصيص نموذجية لمشروع أو مؤسسة عامة :
1- دراسة جدوى تخصيص المنشأة أو المشروع المرشح للتخصيص :
تقوم الجهة الحكومية المعنية ، بالتنسيق مع لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى ، بدراسة وضع المنشأة المالي والتشغيلي ، ودراسة القطاعات التابعة لها ، ومبررات التخصيص ، والعوائد المتوقعة منها ، وبدائل التخصيص ، ومعوقات التنفيذ ، ومن ثم تقويم مدى إمكانية تخصيص هذا المشروع أو المنشأة العامة. وترفع الجهة المعنية الدراسة والنتائج والتوصيات إلى لجنة التخصيص .
2- تصدر لجنة التخصيص توصية بتخصيص المنشأة أو النشاط .
3- في حالة صدور قرار التخصيص ، تقوم الجهة الحكومية المعنية المشرفة على النشاط الذي تقرر تخصيصه بإعداد البرنامج التنفيذي للتخصيص بناء على الدراسات المطلوبة ، وبعد اعتماده من المجلس الاقتصادي الأعلى يتم اتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة لإتمام عملية التخصيص.
ويشمل البرنامج التنفيذي مايلي :
أ - محددات السياسة العامة للدولة في القطاع ، والأطر التنظيمية الملائمة ، والخطوات والجدول الزمني اللازمين لوضعهما موضع التنفيذ .
ب- تحديد ومعالجة معوقات التنفيذ ، ومدى الحاجة إلى إعادة هيكلة المنشأة (التحويل إلى منشأة، هيكلة مالية ، تسوية أوضاع الموظفين) ، والخطوات والجدول الزمني اللازمين لتنفيذها .
ج - وضع خطة أولية لتخصيص المنشأة ، بما في ذلك نسبة وطريقة البيع ، وجدول زمني لإتمام العملية . وتكون الخطة الأولية أساساً لاختيار مستشار عام للمساعدة بتنفيذها.
4- تقوم الجهة الحكومية المعنية ، بإشراف لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى ، بإدارة البرنامج التنفيذي لعملية تخصيص المنشأة بمشاركة جهات حكومية أخرى ، حسب ما تراه لجنة التخصيص ، وتتضمن إدارة البرنامج على سبيل المثال :
أ - تحديد مهمات المستشار العام وطريقة اختياره .
ب- اختيار المستشار العام والمستشارين الفنيين الآخرين .
ج- وضع خطة تنفيذ التخصيص .
د - تنفيذ خطوات إعادة الهيكلة .
هـ- تدقيق وضع المنشأة وتقويمها .
و - إعداد المستندات اللازمة للبيع .
ز - إدارة عملية البيع مثل (تسويق العملية ، تأهيل المستثمرين ، استقدام عروض المستثمرين ، تقويم العروض ، التفاوض على شروط البيع ، وتحضير عقد البيع) .
ح- أسلوب التعامل مع القوى العاملة :
ضرورة توعية العاملين بإيضاح أساليب التعامل مع القوى العاملة في عملية التخصيص ، وبيان آثارها عليهم . وهناك عدد من الأساليب للتعامل مع القوى العاملة في عملية التخصيص ، ومنها ما يأتي :
1- مشاركة العاملين في ملكية المنشأة مما قد يؤدي إلى تأييدهم إعادة الهيكلة والتخصيص .
2- التعويض العادل للمتقاعدين طواعية أو المسرحين .
3- الحصول على التزام المستثمر بالاحتفاظ بالعمالة الحالية .
4- إعادة تأهيل وتدريب العاملين .
القضايا الأساسية التي يجب معالجتها خلال عمليات التخصيص
أ - الإطار التنظيمي للقطاعات المخصصة
يعتبر وضع الإطار التنظيمي للقطاعات المخصصة من أهم عناصر عمليات التخصيص على الإطلاق ، وخاصة في القطاعات التي تتمتع فيها منشأة واحدة بحقوق امتياز تحتكر بموجبها السوق، أو أنها تسيطر على جزء كبير منه . وتعتبر منشآت التجهيزات الأساسية من أهم المنشآت التي تحتاج للتنظيم .
وتتلخص الأهداف التي تنشأ من أجلها الأطر التنظيمية فيما يلي :
* حماية المستهلكين من احتمال قيام مقدمي الخدمات (المنشآت) ذات الامتيازات الاحتكارية باستغلال الوضع الاحتكاري ، وبالتالي رفع الأسعار أو قلة توفير الخدمة المقدمة أو تدني جودتها.
* حماية المستثمرين بحيث يكون تدخل الحكومة في النشاط ضمن ماهو متفق عليه ولا يكبد المستثمرين أعباء إضافية تؤثر سلباً على عوائدهم ، خصوصاً وأن المستثمرين يوظفون أحياناً استثمارات كبيرة قد تستغرق سنوات طويلة للبدء في الحصول على عائد .
* تشجيع الكفاءة الإنتاجية وتطوير المنافسة بين شركات القطاع المختلفة .
تقوم هيئات التنظيم في العادة بمنح التراخيص لمقدمي الخدمات والتنسيق بينهم والعمل على مراقبة التنفيذ بناء على التراخيص الممنوحة .
هيئات التنظيـم
إن إنشاء هيئات التنظيم يعتبر جزءاً لا يتجزأ من عملية التخصيص ، خاصة في قطاع الخدمات العامة ، وهناك ثلاثة نماذج لهذه الهيئات :
* هيئة تنظيم منفصلة لكل خدمة من خدمات القطاع الواحد مثل : (إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم خدمة الاتصالات وهيئة أخرى مستقلة لتنظيم البريد ... الخ ) .
* هيئة تنظيم واحدة لكل قطاع ، ويعني ذلك إنشاء هيئة تنظيم واحدة لقطاع الطاقة (كهرباء ، غاز) ، وأخرى للنقل (السكك الحديدية ، الطيران ، الطرق البرية ، الملاحة البحرية) .
* هيئة تنظيم لمجموعة من القطاعات كالطاقة والاتصالات والنقل .
ويتم اختيار النموذج المناسب بناء على دراسة متأنية وشاملة لأهداف وإيجابيات وسلبيات كل نموذج ومدى ملاءمته للمملكة ، وتوصي لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى باختيار النموذج المناسب بعد استكمال الدراسة من قبل الجهات المعنية .
استقلالية هيئات التنظيم
تعتبر استقلالية هيئات التنظيم من أهم عوامل ضمان نجاحها في القيام بمهمات الفصل والتمييز بين الحقوق والواجبات والمصالح المشتركة ، وحصولها على ثقة جميع الأطراف التي يهمها القطاع من حكومة ومستثمرين ومشغلين ومستهلكين ، وأن تتمتع هذه الهيئات بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال الإداري والمالي .
ب - أسعـار تقديم الخدمات
تختلف أسعار الخدمات في المنشآت العامة حيث أن بعضها معانٌ من قبل الدولة وذلك حسب ضرورة وأهمية الخدمات المقدمة. وحيث لاتوجد آلية واضحة لتحديد أسعار خدمات المنشآت العامة تعكس التكلفة، فإن ذلك يعيق تنفيذ التخصيص خصوصاً من وجهة نظر المستثمرين.
ونظراً لتأثر مستويات أسعار الخدمات العامة بالإعانات الحكومية وخصوصاً بعض الإعانات التي يعتبر وجودها عائقاً أساسياً للتخصيص ، ومصدراً رئيسياً لعدم الكفاءة الاقتصادية، فإن من الضروري وضع أسلوب منظم لتحديد تعرفة الخدمات يراعي التكلفة ، ويؤدي إلى استمرار تقديم الخدمة، وتمويل استثمارات المنشآت المقدمة لها ، ويسمح للدولة بتقديم الدعم اللازم عند الحاجة .
ج - تجهيز وإعـادة هيكلـة القطاعات والمنشآت العامة المراد تخصيصها
عادة ما تثار مسألة إعادة هيكلة المنشآت أو المشاريع العامة المراد تخصيصها قبل تنفيذ عملية التخصيص ، وكقاعدة عامة يفضل أن تترك قضايا إعادة الهيكلة الرئيسية للمالكين الجدد، إلا أنه في بعض الأحيان لايمكن تجنب إعادة الهيكلة ، فقد تكون هناك التزامات كبيرة تنعكس سلباً على قيمة المشروع. ويستدعي الأمر تجزئة المنشأة لتحسين الهيكل العام للقطاع. ويكون التجهيز وإعادة الهيكلة بشكل أساسي نتيجة لواحد أو أكثر من الترتيبات الآتية :
* إعادة الهيكلة المالية: وتشمل إما إضافة أو حذف أصول أو التزامات لغرض تحسين المركز المالي للمنشأة.
* إعادة هيكلة الجهاز الوظيفي: ويشمل ذلك تحويل الموظفين أو العمالة من المنشأة العامة إلى المنشأة المخصصة ، ومعالجة أوضاع هؤلاء الموظفين بناء على دراسة متكاملة وخطة واضحة تضعها المنشأة حسب احتياجاتها المستقبلية .
* إعادة الهيكلة الفنية (التجزئة): تساعد التجزئة بشكل كبير في إنشاء بيئة نظامية فاعلة ، فمثلاً في قطاع الكهرباء قد يكون من الأفضل فصل نشاط التوليد ونشاط النقل ونشاط التوزيع عن بعضها كل على حدة ، كما أن قيمة الأجزاء قد تكون أعلى من قيمة الكل ، ولكن توجد هناك حالات تتطلب دمج المنشآت قبل التخصيص لغرض رفع كفاءتها الإنتاجية.
د - الشركاء الاستراتيجيون
إن حجم القضايا وتعقيدات إجراءات العمل التي تواجه بعض المنشآت والمشاريع العامة المرشحة للتخصيص كبيرة جداً ، وهذا يعني بأن مهمة الإصلاح كبيرة ، وغالباً ماتفوق هذه المهمات إمكانات وصلاحيات الإدارة ، إذ أن ذلك يتطلب تحسين الأداء وتعديل الأسعار وتطوير أساليب تجارية في العمل ، إضافة إلى القدرة على التنافس المحلي والعالمي ، وبالتالي يأتي دور الشريك الاستراتيجي وطنياً كان أم أجنبياً للمشاركة في تقديم رأس المال المطلوب والمشاركة في المخاطرة، وتقديم التقنية المتقدمة والخبرة الإدارية لتحسين الأداء وإيجاد قيمة إضافية ، مما يتطلب أن يكون الشريك الاستراتيجي ذا قدرة مالية ، ولديه الخبرة في إدارة منشآت مماثلة لحجم المنشأة المراد تخصيصها ، وقادراً على توفير عدد كافٍ من الخبراء الإداريين والفنيين ، وأن يكون ذا سمعة طيبة.
هـ - إيجاد المناخ المناسب لنجـاح برنامج التخصيص
يعتمـد نـجاح برنامـج التخصيص على فعالية المناخ الذي يهدف إلى نمو القطاع الخاص ، وهناك ثلاثة جوانب مهمـة لهـذه البيئة وهي : أسواق رأس المال ، وتنمية الموارد البشرية ، والبيئة النظامية.
1- أسـواق رأس المال
يعتبر تطوير السوق المالي أحد أهم السياسات التي سيتم اتباعها من أجل تحقيق بعض أهداف عملية التخصيص ، ومنها توسيع نطاق مشاركة المواطنين في ملكية الأصول المنتجة في المنشآت والمشاريع العامة ، وكذلك تشجيع رأس المال الوطني والأجنبي للاستثمار محلياً .
وتوجد علاقة وطيدة بين التخصيص والسوق المالي ، ففي الوقت الذي يؤدي التخصيص إلى تطوير السوق المالي من خلال جذب الشركات الاستثمارية والمستثمرين لتنويع محافظهم الاستثمارية بأسهم شركات ذات إدارات جيدة ، وفي قطاعات متنوعة ، مثل الاتصالات والكهرباء والأسمنت والبنوك والنقل ، واستقطاب صغار المستثمرين مما سيؤدي إلى إيجاد أدوات استثمارية ذات طابع جماعي ، وإيجاد توازن في السيولة بين البنوك والسوق المالي، وإيجاد فرص لاستثمار أموال مؤسسات التأمينات والتقاعد والمؤسسات المالية الأخرى، فإن وجود سوق مالية متطورة يؤدي إلى إنجاح التخصيص ، وذلك عند اللجوء إلى تخصيص بعض المنشآت عن طريق الاكتتاب العام في السوق المالي الذي يتطلب أن تتوفر فيه مجموعة من المواصفات منها :
* الإطار التنظيمي والقانوني الذي يحمي حقوق المستثمرين ويضع أسس تنظيم السوق بناء على لوائح وتعليمات واضحة ومعلنة .
* البنية التحتية القوية اللازمة لتطوير سوق مالي قوي يتناسب مع الإمكانيات الاقتصادية من حيث الجهاز الإداري الكفء والتجهيزات التقنية اللازمة .
* عددٌ كافٍ مـن الأدوات الاستثمارية بما يسمح بمشاركة كافة أنواع المستثمرين صغاراً وكباراً، مواطنين ومقيمين .
2- تنمية الموارد البشرية
يعتبر وجود موارد بشرية متطورة وذات إنتاجية عالية عاملاً رئيسياً لإنجاح برنامج التخصيص .
وحيث تواجه الموارد البشرية حالياً صعوبة التوظيف بسبب ضعف التأهيل والمنافسة من قبل العمالة الوافدة ، إضافة إلى ما قد ينتج عن التخصيص من عمالة فائضة عن احتياجات المنشآت المراد تخصيصها ، ولأهمية تنمية الموارد البشرية وتطوير قدراتها العملية والتنافسية ، فيتطلب الوضع إلزام المنشآت المراد تخصيصها بإعداد برامج تدريبية مناسبة لإعادة تأهيل العمالة، وتنمية قدراتها العملية ، لمساعدتها على الاحتفاظ بوظائفها في المنشآت المراد تخصيصها ، ومساعدتها في سهولة الحصول على فرص عمل في منشآت وشركات أخرى .
3- البيئة النظامية
تعتبر الأنظمة والإجراءات المتعلقة باستثمارات ونشاط القطاع الخاص ، وكفاءة الأجهزة المختصة بتطبيقها ، وسرعة الحسم في ما ينشأ حولها من منازعات ، من أهم القضايا التي تتطلب المراجعة والتحديث والتكامل ، لغرض تطويرها بما يوفر البيئة المناسبة للقطاع الخاص للعمل بكفاءة وفاعلية ، وذلك لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية ، حيث سيؤدي الوضوح والشفافية في الإجراءات والأنظمة وسهولة تنفيذها إلى طمأنة المستثمر وعدم الحاجة إلى مطالبته للدولة بمزيد من الضمانات التي غالباً ما يشترط توفيرها في ظل عدم وضوح الإجراءات واكتمال الأنظمة .
هي مجموعة من الأدوات التي يتم اتباعها لغرض تخصيص المؤسسات والمشاريع والخدمات العامة مع الأخذ في الاعتبار المفهوم الواسع لعملية التخصيص. وتتدرج تلك الأساليب مابين نقل الملكية إلى الإدارة والتشغيل ، والتأجير ، والتمويل أو البيع عن طريق الاكتتاب العام أو البيع لمستثمر رئيسي ، ولكل من تلك الأساليب آثاره وضوابطه وعوامل نجاحه أو فشله ، وفي الغالب يتم تطبيق أكثر من أسلوب واحد لتنفيذ الأهداف الموضوعة. وعليه فمن المهم اختيار أسلوب التخصيص بناء على الأهداف المحددة باعتبارها الأهداف الرئيسية المرغوب في تحقيقها من جراء عملية التخصيص ، وتشمل أساليب التخصيص الآتي :
1- عقود الإدارة :
يتم في هذا الأسلوب تحويل مسؤولية الإدارة والتشغيل والتطوير للمتعاقد أو المستثمر من القطاع الخاص لفترة زمنية ومبلغ مالي يتفق عليهما . وعادة ما يتبع هذا الأسلوب في الأحوال التي تتطلب خبرات متخصصة على مستوى عالٍ في الإدارة والتشغيل والتسويق ، وكذلك عندما يكون الاستثمار الحكومي في أصول المشروع كبيراً وتفضل الحكومة الاحتفاظ به عوضاً عن بيعه، أي انه لايتم نقل ملكية الأصول للقطاع الخاص. وعلى الرغم من اضطلاع المقاول بمهمات الرقابة والإشراف اليومي على التشغيل إلا أنه لا يتحمل المخاطر التجارية (خسائر التشغيل) في حالة حدوثها، وإنما يتحملها المالك (الدولة). كما أن من سلبيات هذا الأسلوب إمكانية إساءة المقاول استخدام أصول المشروع ، لأن غالبية عقود الإدارة تتضمن دفع مبلغ محدد للمقاول مقابل خدمات محددة بصرف النظر عن الربحية ، مما لا يمثل حافزاً كافياً له للمحافظة على الأصول ولتحسين الأداء .
2- عقـود التأجيـر:
تمثل عقود التأجير اتفاقيات بين الدولة والقطاع الخاص بمقتضاها يقوم الثاني بتزويد المنشأة الحكومية بالخبرات الإدارية والفنية لمدة زمنية محددة مقابل تعويضات مالية متفق عليها. ويقوم المستثمر من القطاع الخاص باستئجار الأصول أو التسهيلات المملوكة للدولة واستخدامها ، ومن خلال هذا العقد ، يتم تحديد مقابل الاستئجار الذي يدفعه للدولة ، ومسؤوليات كل طرف منهما تجاه الآخر .
والظاهرة المميزة لعقود التأجير ، أن المستثمر يتحمل كامل المخاطر التجارية الناشئة عن تشغيل هذه الأصول ، وبالتالي يكون لديه حافزاً لتقليل النفقات والمحافظة على الموجودات، وعلاوة على ذلك يكون ملتزماً بصيانة وإصلاح الأصول التي يستخدمها ، أو أن يساهم في كلفة ذلك طبقاً لجدول زمني يتفق عليه ، حيث يرتبط مقابل الإيجار الذي يدفعه القطاع الخاص عادة بحالة الموجودات والدخل المتوقع من استغلالها .
وفي مثل هذه العقود ، يقوم المستثمر بتعيين الأفراد الذين يعملون معه ، بما في ذلك الأفراد الحاليين في المنشأة الحكومية وفق مايتم الاتفاق عليه في عقد الإيجار.
3- عقود التمويل :
تمثل عقود التمويل درجة أكثر تقدماً للتخصيص من الأساليب السابقة، حيث يتحمل المستثمر مسؤولية تدبير النفقات الرأسمالية والتشغيلية والاستثمارية (بعكس المستأجر). ويعتبر هذا الأسلوب أفضل بصفة عامة مقارنة بعقود التأجير، إلا أن تنفيذه يعتبر أكثر تعقيداً نظراً لضخامة حجم تمويل التزامات التوسعات. وتشمل هذه العقود عدداً من الأشكال مثل :
تأجير - بناء - تشغيل (LBO) ، بناء - تحويل - (تشغيل) (BTO, BT) ، بناء- (تملك) - تشغيل - تحويل (BOOT-BOT) ، شراء - بناء - تشغيل (BBO) ، بناء - تملك - تشغيل (BOO) (ملحق) .
وفي حالة إتباع أحد أساليب عقود التمويل كأحد الخيارات فيجب أن تتم وفقاً لما يلي :
1- ضرورة توفير الإطار التنظيمي والقانوني المناسب الذي يكفل حقوق جميع الأطراف (الممول، الدولة ، المستهلك) .
2- أن يطرح المشروع في منافسة عامة يدعى إليها المؤهلون في المنشآت المتخصصة سواء من داخل المملكة ، أو من داخلها وخارجها .
3- أن لاتقدم الحكومة أي ضمانات مالية للمشروع (Sovereign Guarantees) إلا عند الضرورة القصوى .
4- عقود البيع :
أ - البيع مباشرة للقطاع الخاص عن طريق الاكتتاب العام:
يلائم هـذا الأسلوب المنشآت التي تتميز بالاستقرار والاستمرارية في النشاط وذات المركز المالي السليم والجدوى التجارية ، أو التي يمكن أن تكون ذات جـدوى تجارية في المدى القصير، ويتم بيعها أو بعضاً من أسهمها إلى القطاع الخاص من خلال طرح الأسهم للاكتتاب العام . كما يلائم هذا الأسلوب المؤسسات والمشاريع العامة الكبيرة ، بحيث يتم تحويلها إلى منشأة حسب خطـوات التحويل المتعارف عليها، كتصميم الإطار القانوني العام المحدد لأغراض المشروع ، وفصل أنواع النشاط غير التجارية ، وتعديل أنظمة التعرفة ، وتحويل الموجودات والالتزامات بعد التأكد من نظاميتها للمنشأة، ووضع النظام الأساسي والنظام المحاسبي وأسس استيعاب الموظفين . ويتطلب نجاح هذا الأسلوب توفر عدة عوامل منها :
* أن يتوفر قدر كبير من المعلومات المالية والإدارية عن عمليات المنشأة .
* توفر قدر معقول من السيولة النقدية .
* وجود سوق مالية نشطة .
وهذا يسمح بتوسيع قاعدة الملكية وجذب مزيد من الاستثمارات التي تؤدي إلى تنشيط سوق الأسهم من خلال فتح المجال لمستثمرين من ذوي القدرة المالية المحدودة. كما أن متطلبات هذا الأسلوب تتركز في إجراءات الطرح والاكتتاب بما في ذلك التوقيت المناسب لعملية الطرح ، والحاجة إلى توفر إطار تنظيمي وتسويقي على مستوى جيد مع وجود سوق مالية متطورة .
ب- البيع إلى مستثمر رئيسي :
تقوم الدولة ببيع المنشأة إلى مستثمر رئيسي يكون قادراً على توفير التمويل اللازم، والكفاءة الإدارية والتقنية اللازمتين لتطوير الإنتاج والتسويق. ويتميز هذا الأسلوب بأنه يعمل على توفير التمويل اللازم مباشرة ، وتوفير القدرات المالية والإدارية ، والأخذ بأسباب التطور التقني والإداري ، بالإضافة إلى توفير خبرات جديدة وأساليب إنتاجية وإدارية متطورة . وفي اغلب الحالات يكون المستثمر الرئيسي هو منشأة أو مشغل عالمي ذو خبرة طويلة في مجاله . أما سلبيات هذا الأسلوب فهي منع صغار المستثمرين من فرصة الاستثمار ، وعدم توسيع قاعدة الملكية ، واحتمال زيادة المشاكل المرتبطة بالعمالة .
إضافة إلى الأساليب السابقة ، يوجد عدد من الآليات والأدوات الأخرى كطرح المنشأة للبيع للعاملين فيها ، أو تخصيص جزء من أسهم المنشأة للعاملين بقيمتها السوقية. وعادة ما تتبع هذه الأساليب في تخصيص المنشآت ذات الربحية أو الإنتاجية المنخفضة لغرض تحفيز العاملين على تطوير أداء المنشأة، أو اتباع آلية مقايضة الديون في المنشآت المدينة من خلال تقويم الديون وتحويلها إلى أسهم لصالح الدائنين .
ب - ضوابط عملية تخصيص المؤسسات والمشاريع العامة :
المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها في تنفيذ عملية التخصيص هي :
1- الإفصاح والوضوح.
2- سرعة التنفيذ.
3- تغيير نمط الإدارة.
1- الإفصاح والوضوح :
لضمان تحقيق الإفصاح وكفاءة عملية التخصيص يمكن توجيه برنامج التخصيص وفق الآتي :
تنفيذ جميع العمليات بطريقـة واضحـة ومعلنة ومتسقة مع المعايير التجارية المتعارف عليها ، ومالم تكن هناك حقوق قانونية في حالة المشروعات المشتركة ، فلن يتم إجراء بيع مباشر أو مفاوضات مسبقة وفق اتفاقية خاصة إلا بعد الحصول على عروض بموجب مناقصات عامة . وقبل وأثناء استكمال البيع يجب أن يكون الجمهور على علم بجميع جوانب العملية كلما أمكن ذلك من خلال :
* إعداد مذكرة عرض والإعلان عنها بالنسبة لكل مشروع معروض للبيع.
* نشر معلومات متكاملة عن الجوانب المالية والإدارية وغيرها لتكون في متناول المستثمرين.
* إعداد ونشر معايير تصنيف العروض.
* فتح العروض بصورة علنية.
* نشر تقويم الموجودات وتفاصيل العروض.
* نشر أسماء المستثمرين والأسعار المدفوعة وشروط البيع بعد استكمال البيع .
2- سرعة التنفيذ :
تعد سرعة التنفيذ في غاية الأهمية لنجاح عملية التخصيص ، ويجب تحديد جدول زمني واقعي لكل مرحلة من مراحل عملية التخصيص ، حيث أن العمليات التي تسير ببطء تكون أكثر عرضة للفشل .
3- تغيير نمط الإدارة:
يعتبر إجراء تغيير فاعل في نمط الإدارة وأسلوبها هدفاً أساسياً لكل عملية تخصيص، فبدون إجراء مثل هذا التغيير لن يتم تحقيق الفوائد المرجوة من التخصيص. ولايعني ذلك بالضرورة استبدال المديرين الحاليين ، وإنما تفعيل الأداء وتطبيق أسلوب إدارة القطاع الخاص .
ج - الخطوات الأساسية لعملية تخصيص نموذجية لمشروع أو مؤسسة عامة :
1- دراسة جدوى تخصيص المنشأة أو المشروع المرشح للتخصيص :
تقوم الجهة الحكومية المعنية ، بالتنسيق مع لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى ، بدراسة وضع المنشأة المالي والتشغيلي ، ودراسة القطاعات التابعة لها ، ومبررات التخصيص ، والعوائد المتوقعة منها ، وبدائل التخصيص ، ومعوقات التنفيذ ، ومن ثم تقويم مدى إمكانية تخصيص هذا المشروع أو المنشأة العامة. وترفع الجهة المعنية الدراسة والنتائج والتوصيات إلى لجنة التخصيص .
2- تصدر لجنة التخصيص توصية بتخصيص المنشأة أو النشاط .
3- في حالة صدور قرار التخصيص ، تقوم الجهة الحكومية المعنية المشرفة على النشاط الذي تقرر تخصيصه بإعداد البرنامج التنفيذي للتخصيص بناء على الدراسات المطلوبة ، وبعد اعتماده من المجلس الاقتصادي الأعلى يتم اتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة لإتمام عملية التخصيص.
ويشمل البرنامج التنفيذي مايلي :
أ - محددات السياسة العامة للدولة في القطاع ، والأطر التنظيمية الملائمة ، والخطوات والجدول الزمني اللازمين لوضعهما موضع التنفيذ .
ب- تحديد ومعالجة معوقات التنفيذ ، ومدى الحاجة إلى إعادة هيكلة المنشأة (التحويل إلى منشأة، هيكلة مالية ، تسوية أوضاع الموظفين) ، والخطوات والجدول الزمني اللازمين لتنفيذها .
ج - وضع خطة أولية لتخصيص المنشأة ، بما في ذلك نسبة وطريقة البيع ، وجدول زمني لإتمام العملية . وتكون الخطة الأولية أساساً لاختيار مستشار عام للمساعدة بتنفيذها.
4- تقوم الجهة الحكومية المعنية ، بإشراف لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى ، بإدارة البرنامج التنفيذي لعملية تخصيص المنشأة بمشاركة جهات حكومية أخرى ، حسب ما تراه لجنة التخصيص ، وتتضمن إدارة البرنامج على سبيل المثال :
أ - تحديد مهمات المستشار العام وطريقة اختياره .
ب- اختيار المستشار العام والمستشارين الفنيين الآخرين .
ج- وضع خطة تنفيذ التخصيص .
د - تنفيذ خطوات إعادة الهيكلة .
هـ- تدقيق وضع المنشأة وتقويمها .
و - إعداد المستندات اللازمة للبيع .
ز - إدارة عملية البيع مثل (تسويق العملية ، تأهيل المستثمرين ، استقدام عروض المستثمرين ، تقويم العروض ، التفاوض على شروط البيع ، وتحضير عقد البيع) .
ح- أسلوب التعامل مع القوى العاملة :
ضرورة توعية العاملين بإيضاح أساليب التعامل مع القوى العاملة في عملية التخصيص ، وبيان آثارها عليهم . وهناك عدد من الأساليب للتعامل مع القوى العاملة في عملية التخصيص ، ومنها ما يأتي :
1- مشاركة العاملين في ملكية المنشأة مما قد يؤدي إلى تأييدهم إعادة الهيكلة والتخصيص .
2- التعويض العادل للمتقاعدين طواعية أو المسرحين .
3- الحصول على التزام المستثمر بالاحتفاظ بالعمالة الحالية .
4- إعادة تأهيل وتدريب العاملين .
القضايا الأساسية التي يجب معالجتها خلال عمليات التخصيص
أ - الإطار التنظيمي للقطاعات المخصصة
يعتبر وضع الإطار التنظيمي للقطاعات المخصصة من أهم عناصر عمليات التخصيص على الإطلاق ، وخاصة في القطاعات التي تتمتع فيها منشأة واحدة بحقوق امتياز تحتكر بموجبها السوق، أو أنها تسيطر على جزء كبير منه . وتعتبر منشآت التجهيزات الأساسية من أهم المنشآت التي تحتاج للتنظيم .
وتتلخص الأهداف التي تنشأ من أجلها الأطر التنظيمية فيما يلي :
* حماية المستهلكين من احتمال قيام مقدمي الخدمات (المنشآت) ذات الامتيازات الاحتكارية باستغلال الوضع الاحتكاري ، وبالتالي رفع الأسعار أو قلة توفير الخدمة المقدمة أو تدني جودتها.
* حماية المستثمرين بحيث يكون تدخل الحكومة في النشاط ضمن ماهو متفق عليه ولا يكبد المستثمرين أعباء إضافية تؤثر سلباً على عوائدهم ، خصوصاً وأن المستثمرين يوظفون أحياناً استثمارات كبيرة قد تستغرق سنوات طويلة للبدء في الحصول على عائد .
* تشجيع الكفاءة الإنتاجية وتطوير المنافسة بين شركات القطاع المختلفة .
تقوم هيئات التنظيم في العادة بمنح التراخيص لمقدمي الخدمات والتنسيق بينهم والعمل على مراقبة التنفيذ بناء على التراخيص الممنوحة .
هيئات التنظيـم
إن إنشاء هيئات التنظيم يعتبر جزءاً لا يتجزأ من عملية التخصيص ، خاصة في قطاع الخدمات العامة ، وهناك ثلاثة نماذج لهذه الهيئات :
* هيئة تنظيم منفصلة لكل خدمة من خدمات القطاع الواحد مثل : (إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم خدمة الاتصالات وهيئة أخرى مستقلة لتنظيم البريد ... الخ ) .
* هيئة تنظيم واحدة لكل قطاع ، ويعني ذلك إنشاء هيئة تنظيم واحدة لقطاع الطاقة (كهرباء ، غاز) ، وأخرى للنقل (السكك الحديدية ، الطيران ، الطرق البرية ، الملاحة البحرية) .
* هيئة تنظيم لمجموعة من القطاعات كالطاقة والاتصالات والنقل .
ويتم اختيار النموذج المناسب بناء على دراسة متأنية وشاملة لأهداف وإيجابيات وسلبيات كل نموذج ومدى ملاءمته للمملكة ، وتوصي لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى باختيار النموذج المناسب بعد استكمال الدراسة من قبل الجهات المعنية .
استقلالية هيئات التنظيم
تعتبر استقلالية هيئات التنظيم من أهم عوامل ضمان نجاحها في القيام بمهمات الفصل والتمييز بين الحقوق والواجبات والمصالح المشتركة ، وحصولها على ثقة جميع الأطراف التي يهمها القطاع من حكومة ومستثمرين ومشغلين ومستهلكين ، وأن تتمتع هذه الهيئات بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال الإداري والمالي .
ب - أسعـار تقديم الخدمات
تختلف أسعار الخدمات في المنشآت العامة حيث أن بعضها معانٌ من قبل الدولة وذلك حسب ضرورة وأهمية الخدمات المقدمة. وحيث لاتوجد آلية واضحة لتحديد أسعار خدمات المنشآت العامة تعكس التكلفة، فإن ذلك يعيق تنفيذ التخصيص خصوصاً من وجهة نظر المستثمرين.
ونظراً لتأثر مستويات أسعار الخدمات العامة بالإعانات الحكومية وخصوصاً بعض الإعانات التي يعتبر وجودها عائقاً أساسياً للتخصيص ، ومصدراً رئيسياً لعدم الكفاءة الاقتصادية، فإن من الضروري وضع أسلوب منظم لتحديد تعرفة الخدمات يراعي التكلفة ، ويؤدي إلى استمرار تقديم الخدمة، وتمويل استثمارات المنشآت المقدمة لها ، ويسمح للدولة بتقديم الدعم اللازم عند الحاجة .
ج - تجهيز وإعـادة هيكلـة القطاعات والمنشآت العامة المراد تخصيصها
عادة ما تثار مسألة إعادة هيكلة المنشآت أو المشاريع العامة المراد تخصيصها قبل تنفيذ عملية التخصيص ، وكقاعدة عامة يفضل أن تترك قضايا إعادة الهيكلة الرئيسية للمالكين الجدد، إلا أنه في بعض الأحيان لايمكن تجنب إعادة الهيكلة ، فقد تكون هناك التزامات كبيرة تنعكس سلباً على قيمة المشروع. ويستدعي الأمر تجزئة المنشأة لتحسين الهيكل العام للقطاع. ويكون التجهيز وإعادة الهيكلة بشكل أساسي نتيجة لواحد أو أكثر من الترتيبات الآتية :
* إعادة الهيكلة المالية: وتشمل إما إضافة أو حذف أصول أو التزامات لغرض تحسين المركز المالي للمنشأة.
* إعادة هيكلة الجهاز الوظيفي: ويشمل ذلك تحويل الموظفين أو العمالة من المنشأة العامة إلى المنشأة المخصصة ، ومعالجة أوضاع هؤلاء الموظفين بناء على دراسة متكاملة وخطة واضحة تضعها المنشأة حسب احتياجاتها المستقبلية .
* إعادة الهيكلة الفنية (التجزئة): تساعد التجزئة بشكل كبير في إنشاء بيئة نظامية فاعلة ، فمثلاً في قطاع الكهرباء قد يكون من الأفضل فصل نشاط التوليد ونشاط النقل ونشاط التوزيع عن بعضها كل على حدة ، كما أن قيمة الأجزاء قد تكون أعلى من قيمة الكل ، ولكن توجد هناك حالات تتطلب دمج المنشآت قبل التخصيص لغرض رفع كفاءتها الإنتاجية.
د - الشركاء الاستراتيجيون
إن حجم القضايا وتعقيدات إجراءات العمل التي تواجه بعض المنشآت والمشاريع العامة المرشحة للتخصيص كبيرة جداً ، وهذا يعني بأن مهمة الإصلاح كبيرة ، وغالباً ماتفوق هذه المهمات إمكانات وصلاحيات الإدارة ، إذ أن ذلك يتطلب تحسين الأداء وتعديل الأسعار وتطوير أساليب تجارية في العمل ، إضافة إلى القدرة على التنافس المحلي والعالمي ، وبالتالي يأتي دور الشريك الاستراتيجي وطنياً كان أم أجنبياً للمشاركة في تقديم رأس المال المطلوب والمشاركة في المخاطرة، وتقديم التقنية المتقدمة والخبرة الإدارية لتحسين الأداء وإيجاد قيمة إضافية ، مما يتطلب أن يكون الشريك الاستراتيجي ذا قدرة مالية ، ولديه الخبرة في إدارة منشآت مماثلة لحجم المنشأة المراد تخصيصها ، وقادراً على توفير عدد كافٍ من الخبراء الإداريين والفنيين ، وأن يكون ذا سمعة طيبة.
هـ - إيجاد المناخ المناسب لنجـاح برنامج التخصيص
يعتمـد نـجاح برنامـج التخصيص على فعالية المناخ الذي يهدف إلى نمو القطاع الخاص ، وهناك ثلاثة جوانب مهمـة لهـذه البيئة وهي : أسواق رأس المال ، وتنمية الموارد البشرية ، والبيئة النظامية.
1- أسـواق رأس المال
يعتبر تطوير السوق المالي أحد أهم السياسات التي سيتم اتباعها من أجل تحقيق بعض أهداف عملية التخصيص ، ومنها توسيع نطاق مشاركة المواطنين في ملكية الأصول المنتجة في المنشآت والمشاريع العامة ، وكذلك تشجيع رأس المال الوطني والأجنبي للاستثمار محلياً .
وتوجد علاقة وطيدة بين التخصيص والسوق المالي ، ففي الوقت الذي يؤدي التخصيص إلى تطوير السوق المالي من خلال جذب الشركات الاستثمارية والمستثمرين لتنويع محافظهم الاستثمارية بأسهم شركات ذات إدارات جيدة ، وفي قطاعات متنوعة ، مثل الاتصالات والكهرباء والأسمنت والبنوك والنقل ، واستقطاب صغار المستثمرين مما سيؤدي إلى إيجاد أدوات استثمارية ذات طابع جماعي ، وإيجاد توازن في السيولة بين البنوك والسوق المالي، وإيجاد فرص لاستثمار أموال مؤسسات التأمينات والتقاعد والمؤسسات المالية الأخرى، فإن وجود سوق مالية متطورة يؤدي إلى إنجاح التخصيص ، وذلك عند اللجوء إلى تخصيص بعض المنشآت عن طريق الاكتتاب العام في السوق المالي الذي يتطلب أن تتوفر فيه مجموعة من المواصفات منها :
* الإطار التنظيمي والقانوني الذي يحمي حقوق المستثمرين ويضع أسس تنظيم السوق بناء على لوائح وتعليمات واضحة ومعلنة .
* البنية التحتية القوية اللازمة لتطوير سوق مالي قوي يتناسب مع الإمكانيات الاقتصادية من حيث الجهاز الإداري الكفء والتجهيزات التقنية اللازمة .
* عددٌ كافٍ مـن الأدوات الاستثمارية بما يسمح بمشاركة كافة أنواع المستثمرين صغاراً وكباراً، مواطنين ومقيمين .
2- تنمية الموارد البشرية
يعتبر وجود موارد بشرية متطورة وذات إنتاجية عالية عاملاً رئيسياً لإنجاح برنامج التخصيص .
وحيث تواجه الموارد البشرية حالياً صعوبة التوظيف بسبب ضعف التأهيل والمنافسة من قبل العمالة الوافدة ، إضافة إلى ما قد ينتج عن التخصيص من عمالة فائضة عن احتياجات المنشآت المراد تخصيصها ، ولأهمية تنمية الموارد البشرية وتطوير قدراتها العملية والتنافسية ، فيتطلب الوضع إلزام المنشآت المراد تخصيصها بإعداد برامج تدريبية مناسبة لإعادة تأهيل العمالة، وتنمية قدراتها العملية ، لمساعدتها على الاحتفاظ بوظائفها في المنشآت المراد تخصيصها ، ومساعدتها في سهولة الحصول على فرص عمل في منشآت وشركات أخرى .
3- البيئة النظامية
تعتبر الأنظمة والإجراءات المتعلقة باستثمارات ونشاط القطاع الخاص ، وكفاءة الأجهزة المختصة بتطبيقها ، وسرعة الحسم في ما ينشأ حولها من منازعات ، من أهم القضايا التي تتطلب المراجعة والتحديث والتكامل ، لغرض تطويرها بما يوفر البيئة المناسبة للقطاع الخاص للعمل بكفاءة وفاعلية ، وذلك لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية ، حيث سيؤدي الوضوح والشفافية في الإجراءات والأنظمة وسهولة تنفيذها إلى طمأنة المستثمر وعدم الحاجة إلى مطالبته للدولة بمزيد من الضمانات التي غالباً ما يشترط توفيرها في ظل عدم وضوح الإجراءات واكتمال الأنظمة .